صفحة:Al-Ḥurrīyah Journal, vol.1-2, 15-07-1924.pdf/61

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٥٩
حديث الأندية

التأبين في الجاهلية والإسلام

الخطبة التي انشأها محمد بهجة الاثري والقيت في بغداد في حقلة التأبين الاربعينية التي أقامها للمرحوم الامام الالوسي:
 

سلام عليكم أيها السادة الآجلة ورحمة الله وبركاته! أحييكم تحية مهيض جبر كسره. وكمئيب أذهب عنه الحزن بعد أن راعه دهره، وأشكركم على شعوركم الحي في تقدير نوابغ الرجال والاهتمام بأمورهم.

شعرتم بالأمس عند ما القضاء. ونزل البلاء. وغالت المنية رجل الإسلام الفذ بالفراغ الكبير الذي كان يشغله في عالمي العلم والأدب فهرعتم لتشييع جثمانه الطاهر من كل فج متفجعين وما فيكم إلا المحوقل والمرجع. والمتأسف والمتوجع، والنادب والمتصدع. والنائح والجازع .

واليوم اجتمعتم لتأبينه واستمطار الرحمة لتلك الروح الطاهرة التي خدمت العلم والأدب سبعين حجة واصلة ليلها بنهارها من غير أن يعروها فتور أو سأم إلى أن لبت داعي ربها وذهبت إليه طاهرة زكية.

فنشكركم على عرفانكم للجميل ووفائكم بالذمة وتقديركم للمال . لا جعل الله لعدوكم عليكم سبيلا.

سادتي!

أننا لا نريد بهذه الحفلة التأبينية أن نتبرم بالقضاء الواقع، الذي لم يكن له من دافع، أو تثير في الأفئدة لواعج الأحزان. وكوامن الأشجان فتنوح وتجزع ونبكي وتندب أو نلطم الخدود ونشق الجيوب أو ندعو بدعوى الجاهلية كما يتبادر لبعض الناس من معنى «التأبين».

كلا ثم كلا: إننا لأجل وأعظم من أن نتشبث بهذه السخريات المضحكة المبكية فعقد لها المجالس وندعو إليها آجلة الرجال.