صفحة:Al-Ḥurrīyah Journal, vol.1-2, 15-07-1924.pdf/36

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
٣٤
الحرية

الامم السابقة للاسلام، اما العرب فقد زادوا عليها الصين والاقيانوس الباسيفيكي الذي كانوا يدعونه بحر الصين ومعرفة جيدة بالهند واطلاع تام على بلاد فارس وخراسان ومعلومات ضئيلة عن روسية والبلطيك والبلاد السودانية الغربية ما وراء الصحراء وهي التي يجتازها نهر النيجر، الا انهم جميعهم ـ ما عدا الشريف الإدريسي ـ كانوا يجهلون بلاد اوربة ولم يذكروا من مدنها الا عدداً قليلا بعد على الأصابع كالقسطنطينية ورومية اما الادريسي فهو اكثر جغرافي العرب ذكراً للفرنجة ووصفاً لمدنها وانهارها وذلك لانه كان ناقلا على روجار ملك صقلية فاحتك بالإفرنج وعرف شيئاً كثيراً عن بلادهم. وما ذكره سائر جغرافيي العرب عن بلاد الافرنج اكثره مأخوذ عن الادريسي.

ويختلف جغرافيو العرب على العموم عن جغرافيي العصر الحاضر بخبرتهم الشخصية للبلدان التي يكتبون عنها. وكان اكثرهم يجوبون الأقطار الإسلامية الا نقرأ قليلاً منهم ثم يكتبون كتبهم و يصفون فيها جانباً كبيراً مما رأوه بأم عينهم و يعتمدون في ما لم يروه على كتب من سبقهم. ويمكننا ان نقسم جغرافي العرب الى قسمين : فيدخل في القسم الاول الرحالون الذين كتبوا قصة اسفارهم كابن بطوطة وابن جبير، ويدخل في القسم الثاني اولئك الذين كتبوا الكتب المنظمة عن علم الجغرافية كالإدريسي والمقدسي و ياقوت الحموي.

وطريقة جغرافي العرب ان يقسموا الأرض الى اقسام اصطناعية بادئين بالجنوب الغربي. فالارض في عرفهم كروية الا ان القسم الاكبر منها بحر يحيط باليابس يدعونه البحر المحيط. أما اليابسة فالمسكون منها حسب اعتقادهم محدود. فما وقع في جنو بي خط الاستواء غير مسكون لشدة الحرارة. ولم يستنتجوا كما استنتج ارسطو ان المناخ جنو بي خط الاستواء يشبه مناخ القسم الشمالي. أما من الشمال فما وقع وراء الدرجة الرابعة والستين فمنجمد