صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۷۳ – التاريخية . وهم لم يستعيروه ، فذلك خطأ في التاريخ وليس بخطأ في اللغـة وكفى . والاعتراف « بالتطور » في المعاني والاستعارات لا يقتضي أن تخالف الحقيقة على أنني حين استعملت كلمة فشل لم أكد أخرج بها عما اصطلح عليه الأولون. فقلت : « يحاول الغلبة من حيث فشل » ، ولو جعلت فشل هنا بمعنى ضعف لكانت مقابلة للغلبة أحسن مقابلة . وقلت : « ولا طائل في البحث عن علة هذا الخذلان الصريح ، أكان هو الطمع في الملك بعـد فشل على ، أم النقمة على الأشتر » . فلو أنك قلت بعـد « ضعف » على لاستقام هنا التعبيران القديم والحديث . وكذلك قولنا : « منى بالفشل لأنه عمل بغير ما أشار به أصحابه الدهاة » ؛ فإن التعبيرين فيه يتلاقيان كذلك قولنا : « ولكنها خطة سلبية لا يمتحن بها رأي ولا عمل ، ولا ترتبط بها تجربة ولا فشل » . فليس لمتزمت قديم أن ينكر موقع هـذه الكلمة في حيث وضعناها من هذه العبارات كلها ، وإن كنا مع هذا لا نحرم إطلاقها على معنى الإخفاق الذي لا يحتمل تأويلا بمعنى آخر ؛ وكل ما ننكره أن تأتى بكلمة « فشل » فتطلقها على معنى القوة والنجاح ، أو معنى يناقض الضعف والتراخي المقصودين بها قديماً ؛ أو أن تأتى بهذه الكلمة فتضعها على لسان على بن أبي طالب ، أو رجل في زمان سابق لزماننا الذي أعارها ما نفهمه منها الآن على الشيوع والتواتر . وليس الخطأ في تجديد المعاني على حسب العصور ، لأنه سنة لم تفلت منها كلمة . في لغة من اللغات إلا وهى على موعد من تجديد يأتى بعد حين إنما الخطأ هو إنكار هذه الحقيقة ، وهي تصادفنا في كل ما نقرأ ونكتب بالعربية و بغير العربية . ونحن على طريق السلامة ما أبحنا مبصرين وتزمتنا مبصرين ، وحينئذ لا نكون إباحيين ولا متزمتين ؛ بل نجرى على السواء الذي نسلكه مهتدين