صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/82

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

أسئلة وأجوبة

+ أتلقى بالسرور بعض الرسائل الأدبية التي تشتمل على أسئلة من أصحابها يستطلعون بها الرأي في غرض من أعراض الأدب يقع عليه الخلاف ، ويحسن عرضه للقراء من وجهات النظر المتباينة . يقول أديب بالبصرة بعد تمهيد أومأ فيه إلى سابقة هذا البلد الذي عمر زمانا « بأفكار الجاحظ وابتداعات الخليل ومساجلات سيبويه » وغيرهم من العلماء والأدباء : « ... إن الأمر يحوطه كثير من اللبس والغموض ويشوبه الاختلاط ، وإن الاختلاف فيه هنا بالبصرة قد بلغ حده ولم يرض أحد بأدلة الآخر . والمختلفون اتفقوا على أن يرجعوا إليكم لتقولوا القول الفصل فيه وكلهم من قرائكم على صفحات مجلة الرسالة الحبيبة . وخواه قول (لاسل آبرکرومبی) في قواعد النقد إن مطالبة الأدب بأن يعلمنا أمرا أو يصلح أخلاقنا تخرج بنا عن فن الأدب ، وإن الأدب قد يؤدي كل هذه الأشياء ولكنه لم يكن أدب لمجرد أدائها » وبعد أن قال الأديب إنه يدين بنظرية القن للفن ، وإن الأدب الموسيقى متعة ولذة عاد فقال : « ولكن الذي لا أستطيع أن أفهمه - - وهو موضع الحلاق و مدار البحث - هو ما مدى تأثير الأدب في بيئته عملية ؟ إنه يتأثر بالبيئة ولا شك ، ولكنه هوهل يغير أحوال الناس و بحور أخلاقهم وينقلهم من طور إلى طور ومن عادة إلى عادة ؟ أنا أری یاسیدی أن الواقع ينقض هذا . فأبو العلاء لم تطبق آراؤه عملية على كثرة مريديه الذين لازموه والروايات التمثيلية التي تنقد أوضاع الناس أو تحل المشاكل لم تر الناس غيروا ما انتقدوا عليه ولا حلوا مشاكلهم ؛ ولكن هذا لا يمنعهم من مشاهدة التمثيل وقراءة الروايات إرضاء لحاجة إنسانية كامنة في أعماق النفس: هي اللذة الفنية ؟ وإذن ما مدى تأثير الأدب عملية ؟ إننا نقول إن الشعراء كانوا يبعثون الحماسة في نفوس الثائرين، ولكنني أظن أن الثائرين استعدوا للثورة ثم جاء الأدب يعبر عن عواطفهم ، والثورة الفرنسية تهيأت لها أسباب عديدة ثم دفعهم مع عوامل أخرى - الكتاب لا الأداء - إلى الثورة ... »

  • * *

ورأيي الموجز في كلام الأديب البصري أن ما ذكره عن الأدب يصدق على المطالب الإنسانية التي لا اختلاف بين المفكرين على أغراضها وفوائدها . فالناس يختلقون على الأدب هل يطلب للفائدة أو يطلب للمتعة الفنية، ولكنهم لا يختلفون في عمل المصلحين من دعاة الأخلاق أو السياسة أو الدين ، بل يتفقون على أن الإصلاح مقصود للفائدة دون مراء ، وأن المصلح الذي لايغي نفع الأمم باصلاحه لا يستحق الإصغاء إليه ... ومع هذا يدعو المصلحون إلى غرض و يتحقق غيره في