صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/80

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

– ۷۲ - ، سبقه ، فأصبح وكانوا يقولون تقدم فلان أي مشى بقدمه ، ثم ضمنوا تقدمه . معنی السابق هو القديم ، وأصبح الزمن القديم هو الزمن السابق ، كما نفهمه الآن . وقد نسى النـاس «كتب البعير » بمعنى قيـده ، وأطلقوها اليوم على الخط في الورق ، وهو في الأصل مستعار من التقييد ونسى النـاس « خجل البعير » بمعنى تحير واضطرب ، وأصبحوا يستعملونها « للحياء » الذي شبه بالخجل ، لأنه يدعو إلى الحيرة والاضطراب . وكل أولئك لاضير منه على اللغة كما رأينا ، بل هو مادة إنشاء وابتكار وتنويع. والأستاذ الفاضل « أبورية » يأخذ بالشيوع قاصداً أو غير قاصد حين يقول ه المعاجم » ، وهي جمع معجم بضم الميم ، والمعجمات هي الجمع الذي يرتضيه المتزمتون ولا يرتضون غيره . )

إلا أنني هنا أنكر الإباحية العمياء ، كما أنكر التزمت الأعمى وعندي أنه لا يصح إلا ما أمكن أن ينطوى في قاعدة من القواعد المعروفة ، أو أن يؤدى المعنى أداء لا يناقض العقل والقياس . ومن أمثله ذلك أنني كنت أشهد منذ أيام رواية « قيس ولبنى » للشاعر المجيد ولكني لاحظت أنه استعمل عزيز أباظة بك ، فأعجبت بسلامة اللغة وصحة العبارة ، كلمة « تضحية » بمعنى فداء أو خسارة ،كما نستعملها نحن الآن والتضحية عند العرب هي ذبح الشاة أو غيرها في وقت الضحى . ثم أخذت معني الفداء أو القربان ، لأن الناس ينحرون ذبائحهم في الضحى يوم عيد النحر الذي عرف من أجل ذلك بعيد الضحية . فإذا كنا نحن المتكلمين – ونعني أبناء العصر الحاضر - فلا ضير من الكالمة هذا المعني بعد أن أخذته باستعارة معقولة ، وكسبته بالاستعمال المتفق عليه بيننا. ولكننا إذا جعلنا العرب في عصر « قيس ولبني » يستعيرون هـذا المعنى ، تضمين