صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/46

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

a - ۳۸ - التعليم والتهذيب ، وليس علاج تلك المشكلة أن تسجل عليهم حالة من العجز والجهالة هي التي يشكون منها ويسألون المعونة على علاجها . وماذا يفيد الفقراء أن يسكن الأغنياء الأكواخ ؟ وماذا يفيد الفقراء أن يتكلم المتعلمون لغة الجهلاء ؟ وماذا يفيد الفقراء أن تساويهم م في الحرمان من المال والعلم ومن الفصاحة وقدرة التعبير ؟ إنما يفيد الفقراء أن تصبـح أكواخهم قصوراً أو كالقصور في الإراحة وتصحيح الأبدان وإنما يفيدهم أن يكون نصيبهم من اللغـة كأحسن نصيب يتعلمه المتعلمون . فإن لم يبلغوا هـذا المبلغ فالفائدة ألا يكون نصيبهم منها أحقر نصيب ، وألا نسجل عليهم هذه الحالة المزرية كأنهم لا يصلحون لغيرها ولا يطمحون إلى ما فوقها . . وإنما يفيد الفقراء أن يساووا أحسن الناس لا أن يصبح أحسن الناس مثلهم في المعيشة والعمل والعلم والكلام . ولم يقل أحد أننا . أن ننسى الهندسة لأن الفقراء لا يعرفونها . ولم يقل أحد أننا حين ندبر الطعام للمعوزين ينبغي أن نبطل أطايب الطعام لأن المعوزين لا يملكون أنمـانها . حين نبنى القناطر والجسور والمستشفيات لعلاج داء الفقر ينبغى فلماذا يقول قائل إن إهمال اللغة الفصحى واجب عند البحث في مشكلة الفقر والجهل لأن الفقراء والجهلاء لا يحسنون اللغة الفصحى ، وأن المناقشة في تلك المشكلة ينبغي أن تدور بالعامية لأنها هي اللهجة التي يتكلمها الفقراء والجهلاء ؟ - يقول الأديب صاحب الخطاب : « إذا خاطبت إنساناً فقيراً باللغة الفصحى لتسدى إليـه النصح والإصلاح هل يفهمك أو يظن أنك تسخر به ، فيحز ذلك في نفسه و ينصرف عنك متألماً ؟ »