العامية والفقر
«قام في إحدى الحفلات خلاف بين الدكتورة نعيمة الأيوبي والأستاذ كامل كيلاني : كان من رأى الدكتورة أن نتكلم باللغة التي تستعملها في كل المناقشات حتى في المرافعات أمام القضاء وهي العامية ، والأستاذ كامل كيلاني لا يسمح بالموافقة على نصرة العامية على اللغة العربية الفصحى . ويقول : من لم يستطع التعبير عن أفكاره بالعربية الفصحى فما هو يستطيع أن يعبر عنها بالعامية . فسألني أحد الأدباء : ما رأيكم في هذا الخلاف ؟ وهل يمكن نصرة اللغة الفصحى في بلد سواده الأعظم من الأميين ؟ وإذا خاطبت إنسانا فقيرة باللغة الفصحى لتسدي إليه النصح والإصلاح هل يهمك أو يظن أنك تسخر به فيحز ذلك في نفسه ويصرف عنك متألمة ؟ »
تلك رواية الأديب ، وهي لا تستلزم في الجواب عليها أن أتعرض لتفصيلات رأيين لم أقف منهما على غير هذه الإشارات التي لا تشمل كل ما يقوله صاحب الرأي في شرحه والدفاع عنه . حسبنا أن نحصر الكلام هنا في العلاقة بين الفقر والعامية ، وهل من دواعي العطف على الفقير أو من دواعي النظر في مشكلة الفقر أن ننصر العامية على الفصحى؟ وأن نعبر عن آرائنا باللغة التي يتكلمها الفقراء ؟
فالعامية قبل كل شيء هي لغة الجهل وليست بلغة الفاقة أو بلغة اليسار.
وبين الأغنياء كثيرون لا يحسنون الكلام بغير العامية التي لا جمال لها م ولا طلاوة .
و بين الفقراء من يحسنون التعبير بالفصحى ، أو يعبرون بالعامية تعبير يزينه جمالها وتبدو عليه طلاوتها .
فإذا عطفنا على العامية فإنما نعطف على الجهل ونستبقيه ونستزيده ، ولا مخفف وطأة الفقر ذرة واحدة بتغليب عبارات الجهالة على العبارات التي تصاغ بها آراء المتعلمين والمهذبين .
إن علاج مشكلة الفقراء هي أن ترفع طبقتهم معيشة وتفكيرا وحديثا ومنزلة من