صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/242

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ٢٣٤ - فإذا وجبت مراقبة المسال في أيدي المسيطرين به على سواد الناس فمن الواجب أن تكون الرقابة على النحو الذي قصد إليه الرياضي الكبير ، ولاسيما في العصر الذي أصبح المال فيه مرادفاً لمعنى الثقة والانتمان ، فلا يجوز في هذا العصر أن توضع الثقة الاجتماعية في أيدى أناس يعبثون بها جهرة أوخفية ، ولا يجوز إذا هي وضعت في بعض الأيدى أن تترك هملا بغير رقابة أو حيطة أو بغير علم بما تتجه إليه وتجرى فيه . وهنا نسأل : ما هي حدود الرقابة الاجتماعية على سيطرة الأموال في أيدى الأفراد أو الجماعات التي تسوس أموال الأفراد ؟ وجواب هذا السؤال أن الرقابة الوحيدة الممنوعة هي الرقابة التي تشل الدوافع النفسية والبواعث الحيوية وتخرجها في نظامها مخرج الجهود الآلية والأرقام الحسابية فإن المجتمع الإنساني لن يكسب شيئاً من تنظيمه النفوس تنظيم الآلات التي تتحرك بأمر وتسكن بأمر ولا تتخطى مايرسم لها من الخطوط والغايات . فللمجتمع أن يراقب المال وأن يأخذ نصيبه منه للمصلحة الاجتماعية التي يشترك فيها الأغنياء والفقراء ، ولكن ليس للمجتمع أن يمسخ الطبيعة ويجور على حركات النفوس وبواعث الحياة لأنه يتعرض بالقوانين لأمر لم تخلقه القوانين ، و يأخذ ماليس في وسعه أن يرده أو يعوضه بمثله .