صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/235

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۲۷ - عنه قيل فيها قيل عن التعليم الإلزامي وأشرنا إليه في مقالنا السابق : « أليس الأجدى على الفلاح أن تطعمه وترفه عنه بهذه الأموال التي تنفقها على تعليمه إلزاما وهو مفتقر إلى الطعام النافع والماء النظيف ؟ » وكان من رأينا في ذلك أنك إذا أعطيت الفلاح ماء نظيفاً وهو جاهل صدف وعافه وآثر عليه الماء العكر ،لأنه ماء « دسم » يروى الأصلاب كما يروى التراب . وقلنـا « إنك إذا أنشأت فلاحاً سليم الذوق مرهف الحس مفتوح العقـل مستجيب السليقة فسيجرى وراءك لتعطيه الماء النظيف والغذاء الجيد والأدوية النافعة والنصائح القويمة ، ولا يجشمك كما يجشمك اليوم أن تعـدو وراءه لتقصيه عن موارد الماء العكر « بدسمه وخيره » وتدنيه من مساقي الماء المرشح وموائد الغذاء المفيد » .

ومقطع الرأي في كل إصلاح اجتماعي – كما أحسب – أن القدوة فيه خير أنواع التعليم . ولكن ممن تأنى القدوة في الريف ؟ بعض إخواننا المعنيين بالإصلاح يخيل إليهم أن إقامة الوجهاء الريفيين في قراهم وسيلة ناجعة لعميم القدوة الحسنة في المعيشة ، وتعويد الفلاح الصغير أن يحيا في كوخه . حياة الفلاح الكبير في القصور . وهـذا حق لوكان الفلاح الكبير قدوة صالحة في جميع الأحوال ، أو لوكان :. الوجيه في قريته مثلا يحتذى في نظام المعيشة ومناهج السلوك . لكننا نعلم أن الأمر لا يستقيم على هذا التقدير . ونعلم أن كل فلاح كبير يصلح للقدوة ويتخذ مثالا حسناً للسلوك فإلى جانبه عشرة يضلون من يقتدى بهم ويأبون أن يتمثل بهم المتمثلون من الفقراء والضعفاء فيا هو من مظاهر « الوجاهة » واليسار . قال لي أحد هؤلاء الوجهاء مرة : لقد فسد الزمان وتغير الناس !