صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/236

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۲۸ - قلت : ولم ؟ قال : إنك لا تعرف الآن ابن فلان العظيم من ابن فلان الصعلوك ، ولا تميز الفتاة التي يملك أبوها ألف فدان من الفتاة التي يعمل أبوها في دكان أو يعمل في ديوان بين صغار الموظفين الموقوتين . . . هذه تلبس كما تلبس تلك ، وهذا يتأنق كما يتأنق ذاك ، و « البركة » في التقسيط لا بارك الله فيه قلت : وما يضيرك من ذاك ؟ إن كال فيه ضرر فعلى جيب اللابس لاعلى جيبك ، و إن لم يكن فيه ضرر فهو جمال ونظافة ورواج للقصارين والخائطين . فتأفف وأبى أن يقتنع ، وظل يقول إن الأصول أصول ، والمقامات «محفوظة» لا ينبغي أن تزول أو تحول . وسمعنا آخرين من الوجهاء لا يبالون أن يجهروا في غير خجل ولا حرج قائلين : من يخدمنا إذا لبس الفلاح الطربوش أو اغتر بما حصل في المدرسة الإلزامية من دروس الكتابة والحساب؟ و إذا خدمنا هذا «الأفندى» الجديد فكم يطلب أجراً على الخدمة التي كان يؤديها وهو حاف قانع باللبدة والجلباب الأزرق راض بالخبز القفار . هؤلاء الأغبياء لا يعقلون ماينفعهم وما يضرهم ولايدرون عاقبة هذا التفكير الأثيم . هذا أن الفلاح الفقير قد يحجم عن الاقتداء بنظافة الأغنياء النظفاء ، كما يحجم عن شراء السيارة والاستمتاع بالطعام الفاخر والأنكا إذا كانوا من واللباس الأنيق - فتمتنع القدوة من ثم لاعتقاد الغني والفقير معاً أن النظافة والمعيشة الصالحة حق لصاحب المال كحقه في ركوب السيارة الخاصة والإيواء إلى الدار القوراء . __ وتقول له كن نظيفا كفلان بك أو فلان باشا فيستكبر هذا الكلام منك ويقول لك في - في جد الواثق من صوابه وسداد رأيه : وأين أنا من هذا وذاك ؟ ولواسترسل قليلا لزعم أن النظافة منه افتيات على حقوق الموسرين وخروج على الأدب الحميد ! . . .

  • * *