صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/231

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۲۷۳ - أخياليون وحالمون لأننا نعيش في عالم ألف ليلة وليلة ؟ فمـا عالم ألف ليلة وليلة إذن ؟ عالم قصور وموائد وكنوز وفتيات حسـان ... عالم واقع ملموس تراه العيـون وتذوقه الأفواه إلا أنه لاينال ، وليس هذا هو الخيال . بل الخيال هو فكرة يبيع الإنسان في سبيلها متاع الدنيا وكنوز الأرض وبهرج الحياة . أوهو مثل أعلى لاتعرفه شهر زاد ، ولا يتبعه صائغ البصرة ، ولا تراه في ديوان من دواوين تلك القصص التي هي وسوق الرقيق سيان . وبودنا ألف ود لو يعظم نصيب الشرق من هذا الخيال . وقريب من هذا اعتقادنا أننا نحن المشارقة أهل السياحة والبر لأننا لانصول ولانجول ، أو لا نصنع اليوم السلاح الذي نصول به ونجول ! . فماذا يوم كنا نصنعه ، أو يوم كان ســـــــلاحنا الذي نصل إليه كفيلا بالنصر على أعدائنا وعلى العزل المستضعفين من جيراننا ؟ . کنا نتغنى بالسيف كما لم تتغن" أمة قط بسلاح ، وكنا نعيب « رذيلة » السلم كما يعيبون اليوم رذيلة الكفاح . ولعل الأموال التي بذلت في الخير بين الغربيين لاتقل عن الأموال التي بذلت فيه بين الشرقيين . ولعل جهودهم فيه لاتقل عن جهودنا ، وثمرات أعمالهم فيه لاتقل عن ثمرات أعمالنا ، وعلامات البر في عصرنا مرنا الحديث لاتقل عن علاماته في سائر العصور . فالإنسان إنسان حيث كان . ذلك أصدق ميزان للخلائق الإنسانية في كل أمة وفي كل أوان .

(. وأحرى بنا فيها تعتقد أن ننجو بعقولنا من أحلام الأوربيين التي أفرغوها علينا لا من أحلامنا نحن فليست لنا بحمد الله أحلام من القوة بحيث تتقاضانا النجاة منها .