صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/158

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ماذا نعمل؟

أطلب إلى سيدي الأستاذ أن يتبع هذا المقال بنفحة أخرى تبين لنا ما نعمله لنبلغ من أمرنا ما تريد، وأرجو ألا يعتبر من هذا اقتراحا أو ما في معناه وإنما هو محض استزادة من خير علمك العميق النظيف ... 4

  • * *

وعن وهذا سؤال حقيق بأن يسأل ، وكنت أود أن يسأل فهو حقیق بأن يجاب . وجوابي للأديب أن حاجتنا الكبرى إنما هي أن نعلم كيف نريد لا أن نعلم كيف نعمل . فإذا أردنا عملنا ؛ وكل مريد عامل وعارف بوسيلته إلى إنجاز مراده . مضى زمن والناس يتحدثون عن الإرادة والعمل كأنهما قدرتان مفصولتان ، العاطفة والفكر كأنهما شيئان لا يتلاقیان ، وعن الخيال وفهم الواقع كأنهما ملكتان نقيضتان ، إلى آخر ما يفرقون ويقابلون بين ملكات الطبائع وخصائص الأذهان . وهذا خطأ في تصوير الحقائق يتبعه لا محالة خطأ في تصوير العلاج والإصلاح . ليست الإرادة والعمل ولا غيرهما من الملكات والطبائع خطين متلاحقين يبدأ نهاية الآخر، أو جسمين جسمين متحيزين لا يجتمعان في مكان واحد، وإنما هي مظهران من قوة النفس يصدران عن معين لا يتجزأ ولا ينفصل بالحدود والمعالم . فإذا امتلات النفس بالقدرة على الإرادة فقد امتلأت بالقدرة على العمل في وقت واحد وفي صورة واحدة؛ ولن يفشل الفاشل في عمله – وقد تهيأت للعمل أسبابه - إلا لأنه ناقص الإرادة . أرأيت إلى الناس وهم يطلبون السيادة ولا يبلغها مهم إلا قليل؟ مابال قوم مهم يبلغونها وأقوام ينكلون عنها خاسئين ؟ إنما يبلغها من بلغ لأنه أرادها ولم يرد غيرها . فهو سيد و إن تراخي الزمن دون أحدهما عند :