صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/149

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- 141 - كاذبون فيما زعموه من تدبير الرزق وتدبير العمل ، وإن كانوا صادقين جد الصدق فيما أعلنوه من سلب الحرية وتسخير الكرامة الإنسانية . والنازيون اليوم يحتاجون إلى مليون عامل بل إلى مليونين بل إلى ثلاثة ملايين لو وجدوهم من الألمان أو غير الألمان . يحتاجون إليهم و يبحثون عنهم و يغتصبونهم اغتصاباً من كل مكان حكموه أو سيطروا عليه . فهل نسمى حاجتهم هذه إلى العمال نجاحاً في كفاح البطالة وتدبير الأرزاق ؟ وهل هذا هو العمل الذي يريح الفقراء من أعباء الفقر ويتيح لهم الاصطياف على شواطىء الاسكندرية ؟ فكفاح البطالة على هذا المنوال هو الكفاح الذي يستطيعه النازيون والشيوعيون والفاشيون ، وهو الدواء الذي يربى في الشر والبلاء على عشرة أدواء . والنتيجة ماثلة أمامنا لاتذهب بنا إلى بعيد . فالحرب الحاضرة وما جلبته على الناس من الكرب والألم والضيق والغلاء هي " ثمرة العلاج الذي دبره النازيون والشيوعيون والفاشيون لمشكلة البطالة وأزمة الأرزاق . وقد استطاع النازيون وأمثالهم أن يديروا المصانع ويستخدموا الأيدي العاملة لأنهم أداروا المصانع جميعها على تحضير السلاح وأدوات القتال . فاستراح الشعب الألماني من مليون عامل عاطل بضع سنوات ، ولكنه عرض للقتل خمسة أو ستة ملايين من أولئك الفقراء في سنة واحدة ، وسيخرج من الميدان وفيه عشرة أضعاف العاطلين الذين كانوا فيه قبل دخوله ، و إلى جانبهم عشرة أضعافهم • من القتلى والمفقودين والمشوهين . أي حل هذا لمشكلة البطالة ؟ أي علاج هذا الذي يريحك من مليون عاطل بخمسة مليون قتيل ، ثم يصبح الشعب كله أو جله من العاطلين ؟