صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/147

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۳۹ - ولا أدنى إلى الصدق من الأسطورة التي يروونها عن اليونان ويمثلون بها كيف كانت صنعة الإنسان وكيف كان هذا الخلط بين خلق الرجال وخلق النساء . فقد زعموا أن الإله الموكل بهذه الصناعة دعى إلى وليمة الأرباب فقضى ليلة يقصف ويلهو ويعاقر ويتاجن ثم عاد عند الصباح مخموراً دهشا فألفى عمل النهار بين يديه لامناص من إنجازه ولاحيلة في تأجيله ، فأقبل على العواطف والجوارح يقذف ما اتفق له منها في الأهـاب الذي يعرض له ، ويرمى تارة بقلب رجل في أديم امرأة وتارة أخرى بوجه امرأة على كتفى رجل ، وهكذا حتى أثم عمله ... » إلى أن قلنـا « وكأن ( أوتو فيننجر ) يقول ما تقوله هذه الخرافة حين شرح مذهبـه في الحب ، وقرر في كتابه الجنس والأخلاق ، أن لا ذكورة ولا أنونة على الإطلاق ، وإنما هي نسب تتا سب تتألف وتتخالف على مقاديرها في كل إنسان ، ولا عبرة فيها بظواهر الجوارح والأعضاء » (( فالرسالة إذن قد وصلت إلينا راجعة إلى الوراء ، وقد تعاد إلى مرسلها للاستغناء ومعها ما يستحقه من الجزاء . والجزاء الذي يستحقه أنه الآن لم يحسن أدب اليونان ولا أدب الخطاب ، وأنه لو تعلم هذه الخرافة كما تعلمها قراؤنا قبل سبع عشر سنة لما لاكها في مقاله كما يلوكها الآن.... ولأكل رزقه حلالا بتعليم الأدب اليوناني الذي يعلمنا إياه في هذه الأيام ، ويريد أن يعترف له بفضل فيه ، وهو ينكر فضل السبق على ذو يه . بلد المفارقات ، وهذا الرجل كتلك الآنسة من هذه المفارقات ... ! M.