صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/130

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۲۲ – إلى هذا الجانب المغرى لكل طالب ، ولم أكن أفهم دهشة زملائى لرفضى دخول الفرقة وهم يتحرقون شوقا إلى دخولها ويتمنون لو وهبوا تلك الصفات الجسدية التي جعلت المدرسين حريصين على ترشيحي لفرقة الكرة وكل فرقة رياضية . فليست المسألة ياصاحبي مسألة طموح وظهور ، ولكنها مسألة شوق باطنى وجد مصرفه في هذه الناحية أو تلك ، حتى استقر من الناحية الأدبية إلى قرار . ومن الواجب أن تربط بين النزعة الدينية والقيادة العسكرية والملكة الأدبية إذا أردنا أن ننفذ إلى خاصة من خواص النفس البشرية التي تؤلف بين النقائض حتى تنتظم في نسق واحد ، وهى كما تبدو على وجه الأمور غير قابلة للتناسق والائتلاف . وربط هذه الشعب المتفرقات واجب هاهنا لأن العلاقة بينها صحيحة متغلغلة ماموسة ؛ فلا بد من سبب اتصال بينها ، ولا بد من ا النفاذ إليه ، وليس النفاذ ليه بعسير . فالنزعة الدينية – نزعة الأسرار والهيمنة على العناصر الطبيعية – تلاقى البحث الأدبى من طرفين : أحدها الاستطلاع والاستكناه وهو أصيل في طلب الأسرار الدينية وأصيل في طلب الأسرار الفكرية على الإجمال . أما الطرف الآخر فهو طرف إثبات النفس ، وهو في جانب التدين سيطرة على أسرار الكون ، وفي جانب الأدب تعبير عن النفس وتوجيه للأفكار وامتلاك لناصية الحقائق ، وكلا الطرفين قريب من قريب . - ولا صعوبة في التوفيق بين التدين والقيادة العسكرية ، وإن ظهرا لأول وهلة كالنقيضين المتدابرين . إن النضال لعميق في روح الدين لم تخل منه الأديان الأولى ولا أديان الكتب المنزلة التي يدين بها معظم الأمم اليوم . فاله الخير و إله الشر ، أو إله النور و إله الظلمة ، ما برحا متصارعين عند الجاهليين من أقدمين ومحدثين . .