صفحة:يسألونك (1946) - العقاد.pdf/129

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

- ۱۲۱ – إنما تنال الكرامات والأسرار بالإعراض عن المظاهر والزهد في الحفاوة ، وأن ننذر نفوسنا للفاقة والشظف والحرمان ، ونجنبها غواية الزهو والترف والإعلان ، وهذه الأمنية التي تمنيتها لأننى تمنيت البحث عن الحقيقة والهيمنة من طريق معرفة الحقائق على ما حولى من قوانين الكون وعناصر الطبيعة . فالطموح كم كما قدمنا ليس بتفسير لطلب العظمة كائناً ما كان مجالها والغرض منها . فبعد الطموح يبقى لنا سؤال آخر عن علة طلب العظمة من هذا الطريق ، وعن التوفيق بين نوع العظمة المطلوبة ونوع المزاج النفسي الذي يطلبها ويؤثرها على غيرها . . والطموح بعد ذلك ليس بالتفسير الصحيح في الحالة الخاصة التي ذكرتها عن أمنيتي ؛ لأنني لم أطلب الظهور . بل ضحيت به في سبيل الحقيقة التي أصل منها إلى هيمنة لاظهور فيها ؛ ولايزال الظهور الشائع . مفسدة لها وداعية إلى حبوطها . ومالنا ولهذا والأديب صاحب الخطاب يذكر حالة تنفى تعليل كل شيء بالطموح فيما ذهبنا إليه ؟ قال في خطابه : «تمنيت وأنا في المدرسة الابتدائية أن أكون لاعب كرة يحيط بي من تصفيق الطلبة و إعجابهم ما يحيط بمشاهير اللاعبين . . » فليها الأديب صاحب الخطاب أن التصفيق لم يحط بلاعب كرة كما كان يحيط بلاعبيها الأسوانيين في ذلك الحين . فقد كانت العناية بالرياضة البدنية يومئذ في إبانها • وكان للجيش الإنجليزي بأسوان فرق مدربة تسترعى أنظار المدينة بأسرها ويتمنى كل طالب أن تتغلب فرقته المدرسية عليها ، وكانت فرقة أسوان تسافر إلى إدفو . وقنا وسوهاج وأسيوط لتلاعب هناك فرقة بعـد فرقة ، وتعود من تلك البلاد غالبة أو مغلوبة يتطلع الزملاء إلى أخبارها كما يتطلع قراء الصحف إلى أنباء المعارك الحاسمة ، ومع هذا كله فشلت مساعى المدرسين في إغرائي بالانتظام في فرقة الكرة أو الفرق الرياضية على اختلافها لنفورى منها ، وظلت أتجنبها وأفضل الحبس على حضور حصة الرياضة البدنية في أوقاتها المفروضة علينا، ولم يستهونى الطموح ولا الشهرة ولا التصفيق