صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/83

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٨٢

حتى تُلاقِيَ في الكتيبةِ مُعْلمًا
عَمْروَ الْقناَ وعُبيَدةَ بنَ هِلال1
وتَرى المَقَعْطَرَ في الكتيبةِ مُقْدَما
في عُصْبةٍ قَسَطُوا مَع الضُّلاُّل2
أوْ أَنْ يُعَلِّمكَ المهلب غَزْوَةً
وتَرَى جِبالًا قد دَنَتْ لجبالِ

وهؤلاء المذكورون في الشعر من شجعان الخوارج، وكان المهلب يقول لبنيه: لا تبدءوهم بقتال حتى يبدءوكم فيبغوا عليكم؛ فإنهم إذا بغوا نصرتهم عليهم، وكانت الخوارج تسمى المهلب الساحر؛ لأنهم كلما دبروا حيلة أو مكيدة يكيدونه بها يجدونه سبقهم إلى ذلك، وكان أولاده كلهم شجعانًا، وهم: المغيرة، ويزيد، وحَبيب، ومُدرِك، والمفضَّل وغيرهم، وأكبرهم وأعقلهم المغيرة، وأجودهم يزيد، ودسَّ المهلب إلى الخوارج من سألهم أسئلة فاختلفوا في الجواب، وكفر بعضهم بعضًا، وخلع قَطرِيًّا أكثرُهم، وبايعوا غيره فاقتتلوا مع بعضهم بعضًا حتى قتل منهم كثير، واستأصل المهلب بقيتهم، وقطع دابرهم بعد أن حاربوا المسلمين نحو ثلاث عشرة سنة، وذلك مدة خلافة عبد الله بن الزبير وسنين من خلافة عبد الملك بن مروان، وأرسل بشيرًا إلى الحجاج، وكان فصيحًا شاعرًا، فقال له الحجاج: أخبرني عن بني المهلب، قال المغيرةُ: فارسُهم وسيدهم وكفى بيزيد فارسًا شجاعًا، وجوادُهم وسخِيُّهم قُبيصة.

ولا يستحي الشجاع أن يفرد من مدرِك، وعبد الملك سمٌّ نَاقع، وحبيب موت زُعاف، ومحمد ليث غاب وكفاك بالمفضل نَجْدة، قال: فكيف خلفت جماعة الناس؟ قال: تركتهم بخير قد أدركوا ما أملوا، وأمنوا ما خافوا، قال: فكيف كان بنو المهلب فيكم؟ قال: كانوا حماة السَّرْح نهارًا، فإذا أَلْيَلُوا ففُرسْان البَيات، قال: فأيهم كان أنجد؟ قال: كانوا كالحلقة المُفرَغة لا يُدرى أينَ طَرْفُها، قال:


  1. الكتيبة: الجيش، المعلم: الذي شهر نفسه في الحرب بعلامة، عمرو القنا: ابن بني سعدَ بن زيد مناة بن تميم، وعبيدة بن هلال من بني يشكر بن بكر بن وائل.
  2. المقعطر: من بني عبد القيس، قسطوا: جاروا.