صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/82

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٨١

الثقفي فدعا به المهلب ودعا بالغَداء فجعل النَّبْل يقع قريبًا منهم، والثقفي يعجب من أمر المهلب فقال الصَّلَتَان العَبْدِي في ذلك:

ألا يا أصْبَحَانِي قبْل عَوْق العوائِق
وقبْلَ اخْتراطِ القوم مثل العَقائق1
غَدَاةَ حَبيبٌ في الحديد يَقُودُنا
نَخُوضُ المنايا في ظِلال الخْوافِق
حَرونٌ إذا ما الحرْب طَارَ شَرارُها
وهَاج عَجاجُ الحرب فوْق البَوارق
فَمَنْ مبلغُ الحجَّاج أنَّ أمينه
زيادًا أطاحَتْه رِماحُ الأزارق

ثم وجه الحجاج أيضًا للمهلب رجلين2 يستحثانه، فقال المهلب متمثلًا في الحجاج:

ومستعجب مما يَرى مِنْ أَناتنا
ولو زَبَنَتْهُ الحرب لم يَتَرَمْرَم3

وأمر ابنه يزيد أن يحركهم فحركهم فتهايجوا، فحمل خارجي على رجل من أصحاب المهلب فشْك فخذه بالسَّرْج، فقال المهلب لرسول الحجاج: كيف نقاتل قومًا هذا طعنهم وجاء "الرُّقَّاد" وهو من فرسانه، وبه نيف وعشرون طعنة، وحمل عليهم يزيد فانهزموا، وحماهم فارسان، فقال يزيد لقيس الخُشَنِىِّ: مَنْ لهذين؟ قال: أنا، فحمل عليهما فعطف عليه أحدهما فطعنه قيس فصرعُه، وحمل عليه الآخر فعانقه فسقطا جميعًا إلى الأرض فصاح قيس: اقتلونا جميعًا فحملت خيل هؤلاء وخيل هؤلاء، فحجزوا بينهما، فإذا معانقهُ امرأة فقام قيس مستحييًا، فقال له يزيد: أما أنت فبارزَتها على أنها رجل، فقال: أرأيت لو قُتلتُ، أما يقال: قتلته امرأة، وأبى ابن المُنْجِب السَّدُوسي يومئذٍ، فقال له غلامه: خِلاج وددنا، والله أنا فضضنا عسكرهم حتى أصير إلى مستقرهم فاستلب جَاريتين مما هناك، فقال مولاه: وكيف تمنيت اثنتين؟ قال: لأعطيك واحدة، وآخذ الأخرى، فقال ابن المنجب في ذلك:

أَخِلَاجُ إنك لْنْ تُعانِقَ طَفْلَةً
شَرِقًا بها الْجَادِيُّ كالتَمثَالِ4

  1. العقائق: السيوف: جمع عقيقة. يقال سيف كأنه عقيقة برق أي كأنه لمعة برق.
  2. أحدهما من "كلب" والآخر من "سليم".
  3. الشعر لأوس ابن حجر. زبنته: دفعته يترمرم: يتحرك..
  4. طفلة: ناعمة الجادي: الزعفران.