صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/81

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٨٠

مختلَفُ في نسبهم، قيل: هم بقية من ثمود قوم صالح، وقيل: من بني إياد بن نزار، وقيل: هم من قَيْس عَيْلان بن مضر، وهو المشهور، والشُّراة لقب للخوارج لاشترائهم الجنة بالجهاد في الكفار في زعمهم، وأرسل الحجاج الجرَّاحَ بن عبد الله الحَكَمي إلى المهلب يستبطئه في مناجزة القوم وكتب معه: أما بعد؛ فإنك جبيت الخراج بالعِلل، وتحصنت بالخنادق، وطاولت القوم وأنت أعز ناصرًا، وأكثر عددًا، وما أظن بك مع هذا معصية ولا جبنا، ولكنك اْتخذَتْ أكْلًا، وكان بقاؤهم أيسرَ عليك من قتالهم فناجِزْهم وإلا أنكرْتَنِي والسلام.

فقال المهلب للجراح: يا أبا عقبة، والله ما تركت حيلة إلا احتلتها، ولا مكيدة إلا أعملتها، وما العجب من إبطاء النصر، وتراخي الظهر، ولكن العجب أن يكون الرأي لمن يملكه دون من يُبْصِره، ثم ناهضهم ثلاثة أيام يغاديهم القتال ولا يزالون كذلك إلى العصر، وينصرف أصحابه وبهم قَرْح، وبالخوارج قَرْح وقتل فقال له الجرَّاح: قد أَعْذَرْتَ، فكتب إلى الحجاج: أتاني كتابك تستبطئني في لقاء القوم على أنك لا تظن بي معصية ولا جبنًا، وقد عاتبتني معاتبة الجبان، وأوعدتني وعيد العاصي، فاسأل الجرَّاح والسلام.

فقدم الجرّاح فقال له الحجاج: كيف رأيت المهلَّب؟ فقال: والله ما رأيت أيها الأمير مثله قط، ولا ظننت أن أحدًا يبقى على مثل ما هو عليه، ولقد شهدت أصحابه أيامًا ثلاثة يغدون إلى الحرب ثم ينصرفون عنها وهم بها يتطاعنون بالرماح، ويتجالدون بالسيوف، ويتخابَطُون بالعَمَد، ثم يروحون كأن لم يصنعوا شيئًا رَواح قوم تلك عادتهم وتجارتهم، فقال الحجاج لشلد ما مدحته أبا عُقبة، قال: الحق أولى، ثم أرسل الحجاج أيضًا إلى المهلب رجلين يستحثانه المناجزة أحدهما ثَقَفي1، والآخر يقال له: زياد بن عبد الرحمن العامِري2، فضم المهلب زيادًا إلى ابنه حَبيب، والثقفي إلى ابنه يزيد، وقال لهما: خُذا يَزيدَ وحبيبًا بالمناجزة، فغادوا الخوارج فاقتتلوا أشد قتال فقُتل زِياد رسول الحجاج وفُقد الثقفي، ثم باكَرُوهم في اليوم الثاني وقد وُجِد


  1. من آل أبي عقيل جدا الحجاج.
  2. من بني عامر بن صعصعة.