صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/80

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٧٩

وأمرهم باللحاق بالمهلب ليقاتلوا الخوارج، وهددهم بالقتل، وقال: كل مَن تأخر بعد ثلاثة أيام ضربت عنقه، فهرعوا إلى المهلب حتى كثروا عند المهلب، فقال المهلب: اليوم قوتل هذا العدو، ثم زحف إليهم وهم بسابور وكتب الحجاج إلى المهلب: أما بعد، فإنه بلغني أنك أقبلت على جباية الخراج، وتركت قتال العدو، وإني وليتك وأنا أرى مكان عبد الله بن حكيم المجاشعي، وعَبَّاد بن حصين الْحَبِطي، واخْترتك وأنت من أهل عُمان ثم رجل من الأزد فالقهم يوم كذا في مكان كذا وإلا أَشْرَعْتُ إليك صدر الرمح والسلام.

فكتب إليه المهلب: ورد علي كتابك تزعم أني أقبلت على جباية الخراج، وتركت قتال العدوِّ، ومَن عجز عن جباية الخراج، فهو عن قتال العدوِّ أعجز، وزعمت أنك وليتني وأنت ترى مكان عبد الله بن حكيم، وعَبَّاد بن حصَين، ولو وليتهما لكانا مستحقين لذلك في فضلهما وغَنائهما وبطشهما، واخترتني وأنا رجل من الأزد ولعمري إن شرًّا من الأزد لقبيلة تُنازعها ثلاثُ قبائل لم تستقر في واحدة منهن، وزعمت أني إن لم ألقهم في يوم كذا في مكان كذا أشرَعْتَ إلىَّ صدر الرمح، فلو فعلت لقلبتُ إليِك ظهر المِجنِّ والسلام.

ثم واقعهم المهلب فانتصر عليهم، فبيتوا بني تميم من جيشه ليلة وعُبيدة بن هلال من شجعانهم يقول:

أَنِي لَمُذْكِ للشُّرَاةِ نارَها
ومانعٌ ممن أتاها دَارَها
وغاسِلٌ بالطعن عنها عَارَها

فوجدوا بني تميم أيقاظا متحارسين فخرج إليهم الحَرِيشُ بن هلال فارسهم، وهو يقول:

لقد وجَدْتم وُقُرًا أنْجَادَا
لا كُشُفًا مِيلًا ولا أوْغَادا
هيهات لا تُلْفُونَنَا رُقَّادا
لا بَلْ إذا صِيحَ بنا آسَادا

فحمل عليهم فرجعوا عنه فاتبعهم وصاح بهم: إلى أين يا كلاب النار؟ فقالوا: إنما أعدت النار لك ولأصحابك، فقال: كل مملوك لي حر إن لم تدخلوا النار، وعَنَى المهلب بقوله للحجاج: (قبيلة تُنازعها ثلاث قبائل) قبيلة الحجاج؛ فإنه