صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/78

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٧٧

ثم إن الخوارج تطاردوا لهم في اليوم الثالث فحمل عليهم هؤلاء الفرسان يجولون ساعة ثم طعن خارجي رجلًا من أصحاب المهلب فحمل عليه المهلب فطعنه فحمل الخوارج بأجمعهم كما صنعوا يوم سُولاف فضَعْضَعُوا الناس، وَفُقِدَ المهلب وثبت المغيرة في جمع أكثرهم من أهل عُمان ثم نجم المهلب في مائة فارس، وقد انغمست كفاه في الدم وعلى رأسه قَلَنْسُوة مُرَبعة فوق المِغفْر مَحْشُوة قَزًّا وحَشْوُها يتطاير وهو يلهث وذلك في الظهيرة فلم يزل يحاربهم إلى الليل حتى كثر القتل في الفريقين وغاداهم ثاني يوم وهو في ثلاثة آلاف فقال لأصحابه: ما بكم من قلة، أَيَعْجِزُ أَحدُكم أن يرميَ برمحه ثم يتقدم فيأخذه؟ ففعل ذلك رجل من كِندة يقال له عياش، وقال لهم: أعدوا مَخالِي فيها الحجارة واْرموا بها في وقت الغفلة؛ فإنها تَصُد الفارس وتَصْرَع الراجل ففعلوا، وأمر مناديًا في أصحابه بأمرهم بالجِدِّ والصبر ويطمعهم في العدو وحمل فحملوا معه فاقتتلوا قتالًا شديدًا وجُهدَ الخوارج فنادى مناديهم: ألا إن المهلب قد قتل فركب المهلب بِرْذَوْنًا وأقبل يركض بين الصفين وهو يصيح: أنا المهلب، فسكن الناس بعد أن اْرتاعوا، وظنوا أن أميرهم قد قتل وَكلَّ الناسُ مع العصر فصاح المهلب بابنه المغيرة: تقدم ففعل، ونادى مولاه ذَكْوانَ أن قَدِّم رايتك ففعل، واجتلدوا أشد جلاد حتى إذا كان مع المساء قُتل أمير الخوارج ابن الماحوز فانهزموا وساروا إلى أرَّجان ولم يشعر المهلب بذلك وبات في عسكره يأمرهم بالاحتراس وأرسل جماعة يكشفون أمر الخوارج فرجعوا إليه وأخبروه بارتحالهم، فقال: إن هؤلاء الخوارج قد يئسوا منكم إلا من جهة البيات، فإن كان ذلك فاجعلوا شعاركم: (حم لا ينصرون)؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بها ثم غدا على القتلى فوجد فيهم أمير الخوارج، وقال شاعر من الخوارج في هذه الوقعة يرثي من قتل منهم:

بِسِلّى وسِلّيْرَى مَصَارِعُ فِتْيةٍ
كرامٍ وجَرْحَى لَم توَسَّدْ خُدُودُها1

  1. وقال آخر:
    بسلى وسليزى مصارع فتية
    كرام وعفري من كَمَيْتٍ ومن ورد