صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/76

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٧٥

قال: قد قبلت فكتبوا بذلك كتابًا، ووضع على يدي الصلت بن حريث، ثم انتخب المهلب اثني عشر ألفًا من الجند ونظروا ما في بيت المال فلم يكن إلا مائتي ألف درهم فعجزت، فبعث المهلب إلى التجار: إن تجارتكم مُذ حَوْلٍ قد كسدت عليكم بانقطاع مواد الأهواز وفارس عنكم، فهلم فبايعوني، واخرجوا معي أُوفَّكم حقكم إن شاء الله، فتَاجَرُوه فأخذ من المال ما يصلح به عسكره، واستعد بالآلات، وضرب الركب من الحديد، وهو أول من ضربها من الحديد، ثم نهض إليهم وأكثر أصحابه رَجَّالة، فعبر إليهم في السفن، وقدم ابنه المغيرة أمامه، فلما قاربوا الشاطئ خاضت إليهم الخوارج فحاربهم المغيرة بالنيل حتى تَنَحَّوا، وجاء أبوه فأمر بعقد الجسر فعبر هو وجنده، والخوارج منهزمون، فنهاهم عن اتباعهم، فأقام أربعين يومًا يجبي الخراج بكُوَر دَجلة ثم وفى التجار حقوقهم وأعطى أصحابه فأسرع الناس إليه رغبة في الجهاد والعطاء، ثم زحف إليهم ثانيًا وهم بنهر تِيرَى فتنحوا عنه إلى الأهواز، فأقام يجبى خراج من حوله من الكورودَسَّ الجواسيس إلى عسكر الخوارج فأتوه بأخبارهم ومَنْ في عسكرهم وإذا هم حُشْوَة، ما بين صباغ، وقَصَّار، وداعِر، وحَدَّاد، فخطب أصحابه وذكر لهم لفيف الخوارج، وقال لهم: أمثل هؤلاء يغلبونكم على فيئكم؟ فلم يزل مقيمًا حتى قهرهم، وأحكم أمره، وكثر عنده الفرسان وتتامَّ إليه زُهاء عشرين ألفًا فمضى يؤُمُّ سوق الأهواز، وأرسل ابنه المغيرة في مقدمته فحاربته الخوارج يومهم، وانكشف عنه بعض أصحابه، وثبت المغيرة، وغاداهم الحرب في ثاني يومه فإذا هم قد حرقوا أثقالهم، وهربوا من الأهواز فدخلها، وجاءت أوائل خيل أبيه، فأقام بسوق الأهواز، وكتب إلى القُبَاع بالفتح، وكان المهلب يبث الأحراسَ في الأمن كما يبثهم في الخوف ويُذكى العيونَ في الأمصار كما يذكيها في الصحاري، ويأمر أصحابه بالتحرز ويخوفهم البَيَاتَ وإن بَعِد منهم العدو، ويقول: احذروا أن تكادوا كما تَكيدون، ولا تقولوا غَلَبْنا وهَزَمْنا؛ فإن القوم خائفون، والضرورة تفتح باب الحيلة، ثم التقى معهم المهلب (بسُوَلاَف) موضع، وجعل على بني تميم