صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/75

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٧٤

دمشق خمسة عشر ميلًا بلغه أن الحجاج ضرب عنق ابن أخيه فمات كمدًا عليه، فقال الفرزدق يرثيه:

يا أيها الناس لا تبكوا على أحد
بعد الذي في ضُمَيْرٍ وافق القدر

وذلك سنة اثنتين وثمانين، وقيل: مات بالطاعون، وصلى عليه عبد الملك بن مروان، ومشى في جنازته، وحضر دفنه، وأثنى عليه بعد موته رحمه الله.

المهلب بن أبي صفرة

الأزدي، الشجاع المشهور، أحد الدهاة، كان فارسًا بطلًا فقيهًا حليمًا شريفًا في قومه، ولد عام الفتح في زمن النبي صل الله عليه وسلم ولم يره، وأبوه من الصحابة، تقدم لنا شيء من خبره في ترجمة عمر بن معمر في ذكر الخوارج، وكان أهل البصرة حينما عاثت الخوارج الأزارقة في الأرض، وقتلوا بعض القواد، وهزموا بعضًا فزعوا إلى الأحنف بن قيس سيد بني تميم فأتى بهم إلى الحارث قُبَاع عامل البصرة، فقالوا له: إن هذا العدو قد غَلَبَناَ على سَوادنا وفيئنا، وما بقي إلا أن يَحْصُرَنا في بلدنا حتى نموت هَزْلًا، فقال لهم: اختاروا رجلًا، فقال الأحنف: ما أرى لهم إلا المهلب، فقال القباع: اذهبوا، واتفقوا على رجل وائتوني غدًا، فذهبوا واتفقوا على المهلَّب بعد اختلاف، فوجه الحارث إليه فأتاه فقال له القُباع: يا أبا سعيد، قد ترى ما رَهِقَنا من هذا العدو، وقد اجتمع أهل مِصْرك عليك، وقال المهلب: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ إني عند نفسي لدون ما وصفتم، ولست آبيًا ما دعوتم إليه على شروط أشْترطُها، فقال الأحنف: قل، فقال: على أن أَنْتَخِبَ من أحببتُ، قال: ذلك لك، قال: ولي إمره كل بلد أغلب عليه، قال: وذاك لك، قال ولى فَيء كل بلد أظفر به، قال الأحنف: ليس ذلك لك ولا لنا، إنما هو فيء المسلمين، فإن سلبتهم إياه كنت عليهم كعدوِّهم، ولكن لك أن تعطى أصحابك من فيء كل بلد تغلب عليه ما شئت وتنفق على محاربه عدوِّك فما فضل عنكم كان للمسلمين، قال المهلب فمن لي بذلك؟ قال: نحن وأميرك وجماعة أهل مِصْرك