صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/73

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٧٢

إليهم عمر، وقاتلهم وألحَّ عليهم حتى أخرجهم من فارس، وألحقهم بأصفهان، ثم أتوا سابور، وجمعوا له وأعدوا واستعدوا، فسار إليهم حتى نزل على أربعة فراسخ منهم، فقال له مالك بن حسان الأزدي: إن المهلب كان يذكى العيون، ويخاف البيات، ويرتقب الغفلة، وهو على أبعد من هذه المسافة منهم، فقال له عمر: اسكت خلع الله قلبك، أتراك تموت قبل أجلك؟ فأقام هناك فبيَّته الخوارج ليلة، فخرج إليهم وحاربهم حتى أصبح فلم يظفروا منه بشيء، فقال لمالك بن حسان: كيف رأيت؟ قال: قد سلَّم الله ولم يكونوا يطمعون في المهلب بمثل هذا، فقال: أما إنكم لو ناصحتموني مناصحتكم المهلب لرجوت أن أنفي هذا العدو، ولكنكم تقولون: قرشي حجازي بعيد الدار خَيرُه لغيرنا فتقاتلون معي تعذيرًا، ثم زحف إلى الخوارج في غير ذلك اليوم فقاتلهم قتالًا شديدًا حتى ألجأهم إلى قنطرة، فتكاثف الناس عليها حتى سقطت فأقام حتى أصلحا ثم عبروا، وقدم ابنه عبيد الله وراء الخوارج فقاتلهم حتى قتل، فقال قطري للخوارج: لا تقاتلوا عمر اليوم؛ فإنه موتور، ولم يعلم عمر بقتل ابنه حتى وصل إلى الجيش فناداهم: أين ابني؟ فقالوا: احتسبه، فقد استشهد رحمه الله صابرًا مقبلًا غير مدبر، فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم حمل على الناس حملة لم ير مثلها، وحمل أصحابه بحملته فقتلوا في حملتهم تسعين رجلًا من الخوارج، ووصل إلى قطري فضربه على جبينه ففلقه، ونجا قطري، وانهزمت الخوارج، وحوى ما عندهم من الذخائر، فلما استقروا قال لهم: قطري: أما أشرت عليكم بالانصراف فخرجوا من فارس وجمعوا جمعًا آخر، وعادوا إلى أرَّجان، فسار إليهم عمر وكتب إلى مصعب: أما بعد؛ فإني قد لقيت الأزارقة فرزق الله عبيد الله ابني الشهادة، ووهب له السعادة، ورزقنا الله عليهم الظفر فتفرقوا شذر مذر، وبلغني عنهم عودة فيممتهم، وبالله أستعين، وعليه أتوكل، فسار إليهم فالتقوا فألح عليهم حتى اثخن فيهم، وانفرد من أصحابه فعمد له أربعة عشر رجلًا من شجعانهم وفي يده عمود، فجعل لا يضرب رجلًا منهم ضربة إلا صرعه، فركب إليه قطري