صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/72

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٧١

عمر بن عبيد الله بن معمر

القرشي التيمي من عشيرة أبي بكر رضي الله عنه، من التابعين ليث الغاب، بلأ رواح سلاَّب، أنكى الخوارج في دولة عبد الملك بن مروان، وطأطأت له رقاب الشجعان، وكان صاحبُ الترجمة، والمهلبُ بن أبي صفرة الأزدى ممن اعترَف لهم بالفروسية شجعانُ الخوارج، والفضل ما شهدت به الأعداء، وكان الخوارج الأزارقة أصحاب نافع بن الأزرق قد عاثوا في الأرض فسادًا، وكفَّروا الناس، وقتلوا النساء والأطفال في العراق، وذلك في خلافة عبد الله بن الزبير، وعبد الملك ابن مروان، فظهروا وجبوا خراج قُرى العراق، وكادوا يستولون على البصرة والكوفة، فُولىَ المهلب حربهم فهزمهم، وأثخن فيهم وأقصاهم عن المدن والقرى ثم جاء مصعب بن الزبير أميرًا على العراق من قبل أخيه عبد الله، واحتاج إلي المهلب فصرفه عن الحرب، وولاه الموصل ليكون بينه وبين عبد الملك بن مروان، واستشار رؤساء البصرة فيمن يولِّيه حربَ الخوارج، فقال قومَ: وَلِّ عبيد الله بن أبي بكرة، وقال فريق: ولِّ عمر بن عبيد الله بن معمر، وقال قوم: ليس لهم إلا المهلب، فأمَّر مصعب صاحبَ الترجمة، وبلغت المشورة الخوارج، فتذكروا، فقال لهم قَطَرى بن الفجاءة: أميرهم إن جاءكم عبيد الله بن أبي بكرة أتاكم سيد سمح جواد كريم مضيِّع لعسكره، وإن جاءكم عمر بن عبيد الله أتاكم شجاع بطل فارس جادٌّ يقاتل لدينه وملكه بطبيعة، لم أر مثلها لأحد فقد شهدته في وقائق ما نودي في القوم لحرب إلاّ كان أول فارس يطلع حتى يشد على قِرنه فيضربَه وإن رَدَّ إليكم المهلب؛ فهو مَن قد عرفتموه إن أخذتم بطرف ثوب أخذ بطرفه الآخر يمده إذا أرسلتموه ويرسله إذا مددتموه، لا يبدؤكم إلا أن تبدؤه، إلا أن يرى فرصة فينتهزها، فهو الليث المبربِرُ، والثعلب الرواغ، والبلاء المقيم، فلما بلغ المهلبَ أن مصعبًا ولى عمر بن عبيد الله على حرب الخوارج، قال: رماهم بفارس العرب وفتاها، فزحف