صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/71

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٧٠

الشام حتى ألجأهم إلى رفع المصاحف على الرماح، والدعاية إلى التحكيم، وولاه عليٌّ على مصر بعد صرف قيس بن سعد بن عُبادة عنها، فلما وصل إلى القلزم شرب شربة عسل فمات، فقيل: إنها مسمومة، وكان ذلك سنة ثمان وثلاثين، وهو القائل يهدد معاوية رضي الله عنه:

عدِمْتُ وفْرِي وانحرفت عن العُلى
ولقيت أضيافي بوجه عبوس
إن لم أشن على ابن هند غارة
لم تخل يومًا من ذهاب نفوس

وكان ابنه إبراهيم بن الأشتر من الفرسان المشهورين أيضًا، قاد جيش المختار بن أبي عبيد الثقفي، وأخذ بثأر الحسين، وهو الذي قتل عبيد الله بن زياد، وأباد أكثر جند الشام، وقتل مع مصعب بن الزبير وقد كان مصعب ولاه الحرب حينما زحف إليه عبد الملك بن مروان، وكان عبد الملك كاتب رؤساء العراق، ومن جملتهم إبراهيم بن الأشتر يدعوهم إلى بيعته، وخلع طاعة ابن الزبير، فبايعوه كلهم سرًّا إلا ابن الأشتر، وقد كان عبد الملك قال له في كتابه إليه: إن بايعتني أهدر لك دماء أهل الشام التي أصبتها، وأجعل لك أعنة الخيل، فلم يقبل، ووفى لابن الزبير، ونصح مصعبًا وحذره من أهل العراق، وقال: اقتل رؤساءهم؛ فإنهم بايعوا عبد الملك قبل أن يفسدوا عليك العامة ويخذلوك، فأبي فقال له: احبسهم فأبى مصعب أيضًا، وأمر إبراهيم أن يزحف في مقدمته إلى عبد الملك فزحف في عدد قليل، فلما التقى مع عبد الملك أرسل إلى مصعب يستمده فأرسل له عتاب بن ورقاء الرياحي في جيش فغضب وتأفف، وقال: يمدني بعتاب وأمثاله الذين بايعوا عبد الملك، والله ليجرَّن علينا الهزيمة، فلما التقوا انهزم عتاب وأكثر الجيش عن ابن الأشتر وأسلموه، فحمل على أهل الشام مستميتا وأنكى فيهم حتى قتل وأسلم العراقيون مصعبًا بعده أيضًا وتركوه وابنه فقاتل أيضًا مستميتًا بعد أن بذل له عبد الملك الأمان فلم يقبل حتى قتل هو وابنه.