صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/66

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٦٥

كان رضي الله عنه أحد الشجعان المعدودين، وأحد الفاتحين حضر وقعة اليرموك مع أبيه الزبير، وحضر فتح أفريقية مع عبد الله بن أبي سَرْح أميرًا على الجيش، ففتحوا طرابلس، وتقدموا نحو تونس فحشد لهم جرجير ملك أفريقيا جمعًا عظيمًا وصمد لهم في مائة ألف، وكان المسلمون في عدد قليل فاستشار ابنُ أبي سرح عبد الله بن الزبير فأشار عليه بأن ينتخب عددًا من الشجعان ويتركهم ناحية ويقاتل العدو بباقي الجيش حتى إذا اشتد القتال واختلطت الأبطال حمل أولئك الشجعان الجالسون على جيش جرجير من ورائه حتى يخالطوا فُسطاطه فأرجو من الله النصر فقبل ابن أبي سرح مشورته وقال له: كن أنت الأمير على أولئك المنتخبين، فقال: نعم، فلما اشتد القتال حمل ابن الزبير بأصحابه حتى وصل فسطاط الملك جرجير فقتله وأخذ ابنته سبية وقتل أكثر جيشه، وفرَّ الباقون فكتب ابن أبي سرح بالفتح والبشارة إلى عثمان، وأرسل ابن الزبير بشيرًا بذلك، وقاتل عن عثمان لما حُوصر، وحضر وقعة الجمل مع عائشة، وكان البشير الذي بشرها بأنه لم يمت عشرة آلاف، ثم اعتزل حروب علي ومعاوية، فلما بويع معاوية بالخلافة سنة أربعين بايعه ابن الزبير، فلما أراد أن يبايع لابنه يزيد؛ امتنع من ذلك ابن الزبير، فلما مات معاوية لحق بمكة، وتعوَّذ بالحرم، فأرسل يزيد جيشًا للحجاز من أهل الشام، فكانت وقعة الحرَّة على أهل المدينة، وفتك فيها أهل الشام فتكًا ذريًعا، ثم ذهبوا إلى ابن الزبر بمكة فحاصروه بها مدة، ورموا الكعبة بالمنجنيق، ثم جاءهم الخبر بوفاة يزيد بن معاوية، فصالحوا ابن الزبير وذهبوا إلى بلادهم بعد أن راودوه على الذهاب معهم ليبايعوه بالخلافة فأبى عليهم، وبايعه جميع الأمصار بالخلافة بعد موت يزيد إلا أهل الأردن؛ فإنهم بايعوا مروان بن الحكم، ثم غلب مروان على بقية الشام، ثم على مصر، وبقي تحت أمر ابن الزبير الحجاز واليمن والعراق ثم مات مروان، وتولى ولده عبد الملك فغلب على العراق، وقتل مصعَب بن الزبير، ثم جهز