صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/56

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥٥

بايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم وأبناءهم في ديارهم، وقالوا له: قد برئت ذمتنا منك يا رسول الله حتى تصل ديارنا فخاف ألا يقاتلوا معه خارج المدينة، فقال له سعد بن معاذ: والله كأنك تريدنا يا رسول الله، فقال: «أجَل»، قال: فقد آمنا بك وصدقناك، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض بنا يا رسول الله لما أردت فنحن معك، والذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا؛ إنا لصُبُر في الحرب، صُدُق في اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقَرَّ به عينك، فسر بنا على برَكة الله، فسُرَّ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بقول سعد ونشَّطه، ثم قال: «سيروا وأبشروا؛ فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لَكأنِّي الآن أنظر إلى مصارع القوم».

وبالجملة؛ فإن مزايا الأنصار لا تستقصَى، ولو كلِّف القلم بِعدِّ فضائلهم لتعب في الإحصا، رضي الله عنهم أجمعين.

عبادة رضي الله عنه

هو ابن الصامت الخزرجي أبو الوليد أحد النقباء ليلة العقبة والشجعان المعدودين بألف فارس حضر بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح مصر مع عمرو بن العاص، وقد تقدم أن عمرًا استمد عمر بن الخطاب فأمدَّه بصاحب الترجمة، وخارجة بن حُذافة القرشي المتقدم، وقال له: قد أمددتك بألفي فارس.

سكن فلسطين من أرض الشام، وتولى قضاءها، وكان أحد الصحابة المعلِّمين هناك، وجرت له قصص مع معاوية في الأمر بالمعروف تدل على قوته في دين الله، وكان يزيد بن أبي سفيان كتب إلى أمير المؤمنين عمر: قد احتاج أهل الشام