صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/52

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٥١

بماء السماء ابن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد ويقال بالسين بن الغوث فنسبهم يرجع إلى الأزد من قحطان قال حسان بن ثابت:

إما سألت فإنا معشرٌ نُجُبٌ
الأزدُ نسبتُنا والماء غسَّانُ

خرج جدُّهم عمرو بن عامر من اليمن عندما رأى الْجُرَذَ يحفِر في سدِّ مأرب الذي كان يحبس عليهم الماء فيصرِّفونه حيث شاءوا من أرضهم فعلم أن لا بقاء للسدِّ على ذلك فعزم على الانتقال عن اليمن فكاد قومه فأمر أصغر بنيه إذا أغلظ عليه ولطمه أن يقوم إليه فيلطمه ففعل ابنه ما أمره به فقال عمرو: لا أقيم ببلد لطم وجهي فيه أصغر ولدي، وعرض أمواله فقال أشراف اليمن: اغتنموا غضبة عمرو بن عامر فاشتروا منه أمواله وانتقل في ولده وولد ولده فقالت الأزد: لا نتخلف عن عمرو بن عامر فباعوا أموالهم وخرجوا معه فخرِب السدُّ بعدهم وانفجر سيله على أهل تلك البلاد فغرق أكثرهم، فلما وصلوا الحجاز تفرقوا فنزلت خُزَاعة مَرَّ الظهران المعروف بوادي فاطمة قرب مكة ونزلت الأوس والخزرج المدينة، وذهب آلُ جفنةَ بن عمرو بن عامر إلى الشام فسكنوها وصارت لهم دولة هناك، ويقال في القحطانيين عمومًا حميرُ أقيالُها وملوكها، وكِنْدَة ريحانتها ومَذْحِج عددها ولسانها يعني: اليمن كلها، ولما نزل الأوس والخزرج المدينة وجدوا يهود قينقاع والنَّصير وقُريظة متوطنين بها قبلَهم فنزلوا معهم وحالفوهم، فكانت السيطرة في بدء الأمر لليهود عليهم ثم رجعت الغلبة للأنصار على اليهود فغلبوهم على أكثر مزارع المدينة وكثروا بها.

وكان تُبَّع اليماني لما غزا فارس والترك في الجاهلية مرَّ على المدينة فترك ابنه عند الخزرج فلما ذهب قتلوه، فلما رجع من غزوه وسمع بفعلهم نزل عليهم وحاربهم، فكانوا يحاربونه بالنهار ويَقرُونه بالليل فيعجبه ذلك منهم، ويقول: والله؛ إن قومنا لكرام فبينما هو يقاتلهم يومًا إذ جاءه حَبران من علماء اليهود