صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/50

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٤٩

الروم فحضر اليرموك وفُقئت عينه فيها، فلما استمد سعدٌ عمرَ كتب عمر إلى خالد بالشام أن أرسل هاشم بن عتبة في ثلاثة آلاف من المسلمين إلى العراق مددًا لسعد فأرسله فوصل في اليوم الثاني من أيام القادسية والمسلمون مشتبكون مع فارس، فلما دنا منهم عبَّأ أصحابه مائة مائة، وأرسل القعقاع بن عمرو التميمي في مقدمته فطلعت مائة على المسلمين كالخيط الممتد حتى إذا تم آخرها تلتها مائة أخرى وهكذا حتى انتهوا فتقوَّى بهم المسلمون ونشِطوا وكانت له بها آثار مذكورة، ولما فرغ سعد من القادسية وتوجه إلى مدائن كسرى أرسله في مقدمته فتعرض أسدٌ على عقَبة من الطريق، وكان هاشم متأخرًا فأحجم الجيش فجاء هاشم، فقال: مالكم؟ قالوا: أسد منعنا الطريق، فأخذ السيف وتقدم إليه فضربه على هامته فقتله، فمرَّ الجيش، فلما جاء سعد أخبر بذلك فقبَّل رأس هاشم وقبَّل هاشم رجليه ففتحها ومكث بها ينتظر أمر عمر، فاجتمعت جموع عظيمة من فارس بجلولاء، فكتب سعد إلى عمر يخبره بذلك، فكتب إليه عمر أن أرسل ابن أخيك هاشمًا في اثني عشر ألفًا من المسلمين فعقد له عمه اللواء، وأمَّره على العدد المذكور فسار إليهم ففضَّ جمعهم وأباد أكثرهم وقتل منهم أكثر من وقعة القادسية، ويقال: إن الذي قتل منهم بجلولاء مائة ألف، ولذلك سميت الوقعة جلولاء لتجلُّل القتلى فيها؛ أي: تراكم بعضهم على بعض، وقد وصفها بعض شعراء المسلمين مع نهاوند بقوله:

ولو شهدت يومي جلولاء حربَنا
ويوم نهاوند المهول استهلَّتِ

ولما بلغ أهل الكوفة قتل عثمان رضي الله عنه قال هاشم بن عتبة لأبي موسى الأشعري وكان أبو موسى عاملًا لعثمان على الكوفة: يا أبا موسى بايع لخير هذه الأمة عليًّا، فقال له أبو موسى: لا تعجل فوضع هاشم يده على الأخرى، وقال: هذه لعلي، وهذه لي، وقد بايعت عليًّا وأنشده: