صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/43

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٤٢

صلى الله عليه وسلم والمسلمون، وكان هذا المشرِك آذى المسلمين يرميهم ويشتمهم حتى رمى أمَّ أيمن بسهم فأصاب ذَيْلها فضحك عليها وكانت جاءت تسقي الجرحى.

ولما ملَّكَتِ الفرسُ يزدجرد ووجه وزيره رستم قائدًا لجيش جرَّار إلى القادسية لحرب المسلمين وبلغ ذلك الفاروق، خرج من المدينة في عسكر من أكابر الصحابة وغيرهم إلى طريق العراق، فاستشار من معه في الذهاب إلى العراق بنفسه لمحاربة فارس فأشار عليه العامة بذلك، وقالوا: نحن معك، وأشار عليه خواص الصحابة عليٌّ وغيره بإرسال بطل محنَّك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإمداده بالجنود، فقال: ومَن هو؟ فقالوا: هو الأسد عادِيًا سعد بن مالك، وكان سعد عاملًا له على صدقات هوازن فبعث إليه فجاءَه فولاه قائدًا عامًّا على حرب فارس، وأمدَّه بالجنود فَثلَّ عروش فارس بالقادسية وفتح مدائن كسرى عاصمة ملكهم ودخلها، ولما لم يوافق المسلمين هواؤها بنى لهم مدينة الكوفة بأمر الفاروق، وفتح أكثر بلاد فارس، وثلَّ عروشهم أيضًا بجلولاء فقتل منهم بها مائة ألف، وكان قائد جيش المسلمين بها ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص المرقال بعثه عمه سعد إليهم في اثني عشر ألفًا من المسلمين.

وولاه الفاروق على الكوفة بعدما بناها فشكاه أوباشُها بَغيًا فعزله عنهم، وقال في وصيته بعد طعنه كما تقدم: إن أصابت الخلافة سعدًا فذاك، وإلا فلْيستعن به من يتولى؛ فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة، وقد ولاه عثمان رضي الله عنه ثم عزله، وقد دعا سعد رضي الله عنه وكان مستجاب الدعوة على أولئك الأوباش الباغين عليه، فاستجيب له فيهم كلهم، وقصصهم في ذلك مذكورة في كتابي ابن جرير وابن الأثير وغيرهما.

روى الترمذي من حديث قيس بن أبي حازم عنه رضي الله عنه أن النبي