صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/40

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٩

من المنهزمين فطلعت عليهم خيل لرسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ومالك وأصحابه على الثنية، فقال لأصحابه: ماذا ترون؟ فقالوا: نرى أقوامًا واضعي رماحهم بين آذان خيلهم طويلة بِدَادهم، فقال: هؤلاء بنو سليم، ولا بأس عليكم منهم، فلما أقبلوا سلكوا بطن الوادي ومضوا، ثم طلعت خيل أخرى تتبعها، فقال لأصحابه: ماذا ترون؟ قالوا: نرى قومًا عارضي رماحهم أغفالًا على خيلهم، فقال: هؤلاء الأوس والخزرج ولا بأس عليكم منهم، فلما انتهوا إلى أصل الثنية سلكوا طريق بني سليم ثم طلع فارس، فقال لأصحابه: ماذا ترون؟ قالوا: نرى فارسًا طويل الباد واضعًا رمحه على عاتقه عاصبًا رأسه بملاءة حمراء، فقال: هذا الزبير بن العوام، وأحلف باللَّات ليخالِطَّنكم فاثْبُتوا له، فلما انتهى الزبير إلى أصل الثنية أبصرهم فصمَد إليهم فلم يزل يطاعنهم حتى أزاحهم عنها.

وقتل ياسرًا اليهودي يوم خيبر مبارزة، وياسر أخو مرحب الذي قتله علي رضي الله عنه.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق: «من يأتيني بخبر القوم»؟ فقال الزبير: أنا، فذهب وأتاه بخبرهم، فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم: «إن لكل نبي حواريَّ وحواريَّ الزبير».

وقال ابنه عروة: كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف كنت أدخل أصابعي فيها ألعب وأنا صغير ثنتان يوم بدر، وواحدة يوم اليرموك، وكان الجيش يوم اليرموك قالوا له: احمل يا أبا عبد الله نحمل معك، فقال لهم: أخاف أن لا تصدقوا، فقالوا: بلى فحمل في صفوف الروم حتى خرج من ورائهم ثم كرَّ راجعًا، ثم حمل ثانيًا كذلك ثم حمل ثالثًا وفي كل حملة يَقتل، وضُرب في الثالثة تلك الضربة بين كتفيه.

واستشهد بوادي السباع وهو راجع إلى المدينة قتله عمرو بن جرُموز