صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/39

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٣٨

كيف رأيت الزبير أأقطًا وتمرًا أو مشمَعٍلًا صقرًا؟ وهو أول من سلَّ سيفه في سبيل الله، وذلك أنه قيل: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل الزبير يشق الناس بسيفه والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى مكة.

وكانت عليه عمامة صفراء يوم بدر معتجِرًا بها، فقال النبي: «إن الملائكة نزلت على سيماء الزبير»، وقيل: إن آية {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ}[البقرة:207] نزلت فيه وفي المقداد، وذلك أن قريشًا لما أخرجوا خُبيب بن عدي إلى التنعيم وصلبوه وتركوه معلقًا على خشبة هناك مدة وعنده حرس من فتيانهم فبلغ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال لأصحابه: «من ينزل خُبيبًا من خشبته وله الجنة»؟ فقال الزبير رضي الله عنه: أنا يا رسول الله، وصاحبي المقداد بن عمرو، فركبا فرسيهما وقدِما مكة فوصلا إلى خشبة خبيب ليلًا فوجدا عنده أربعين فتى من قريش نائمين فنزل المقداد وأنزل خُبيبًا من الخشبة ووضعه أمام الزبير على فرسه وانصرفا راجعَين فاستيقظ المشركون من حسِّ خيولهم فقاموا إلى الخشبة فلم يجدوا خبيبًا فتبعوا أثرهما فلما لحقوهما رمى الزبير خبيبًا في الأرض فابتعلته فلقب خُبيب بليع الأرض، ثم وقفا لهم وكشف الزبير لِثامه، وكان متنقبًا وقال لهم ماذا تريدون يا معشر قريش منا؟ أنا الزبير بن العوام وأمي صفية بنت عبد المطلب وخالي حمزة، وهذا المقداد بن عمرو صاحبي أسدان رابضان يدفعان عن أشبالهما، فإن شئتم ناضلناكم، وإن شئتم بارزناكم واحدًا واحدًا، وإن شئتم قاتلناكم جميعًا، وإن شئتم انصرفتم إلى أهلكم سالمين، فانصرفوا راجعين إلى مكة وهم أربعون رجلًا أو يزيدون، وقدم الزبير ورفيقه المدينة، فنزلت الآية فيهم.

ولما انهزمت هوازن يوم حنين خرج مالك بن عوف رئيسهم عند الهزيمة حتى وقف فوارس من قومه على ثَنِيَّة من الطريق وقال لأصحابه: قفوا حتى تمضى ضعفاؤكم ويلحق أخراكم فوقف هنالك حتى مضى من كان لحق بهم