صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/37

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٣٦

إلى بيته قالت له: يا أبا عُمارة، لو رأيتَ ما لقي ابن أخيك محمد من أبي الحكمَ بن هشام الآن، وجده جالسًا ها هنا فآذاه وبلغ منه ما يكره ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلى الله عليه وسلم فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته، فخرج يسعى ولم يقف على أحد مُعِدًّا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسًا في القوم فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجَّه شجَّة منكَرةً، ثم قال: أتشتمه فأنا على دينه أقول ما يقول فردَّ ذلك عليَّ إن استطعت، فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقال أبو جهل: دعوا أبا عُمارة؛ فإني والله قد سبَبْت ابن أخيه سبًّا قبيحًا، وتمَّ رضي الله عنه على إسلامه، فلما أسلم عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عزَّ وامتنع، وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه.

شهد بدرًا وأبلى فيها وكان معلمًا نفسه بريشة نعام، وقتل شيبة بن ربيعة وطعيمة بن عدي وشارك في عتبة، وقد تقدم في ترجمة علي ابن أخيه أنه هو وعمه حمزة فازا بثلث قتلى المشركين في ذلك اليوم.

وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواء وأرسله إلى سِيف البحر من ناحية العيص في ثلاثين راكبًا من المهاجرين فالتقى مع أبي جهل في ذلك الساحل في ثلاثمائة من أهل مكة فتصافُّوا للقتال فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني، وكان مسالمًا للفريقين فانصرف بعضهم عن بعض.

ورايته أول راية عقدها النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام في قول المدائني ولقبه النبي أسد الله واستشهد سنة ثلاثة من الهجرة بأحُد فسماه النبي سيد الشهداء، وقد أثخن في المشركين في ذلك اليوم، قتله وحشىٌّ غلام جُبَيْر بن مطعِم كمن له وراء صخرة -قال وحشي- كنت رجلًا حبشيًّا أقذف بالحربة