صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/35

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٣٤

رضي الله عنه في تلك الليلة والمعركة وراء ظهره.

قال أبو عبيدة في التاج: جمع علي بن أبي طالب رئاسة بني بكر بن وائل كلها لحُضَين بن المنذر بن الحارث ابن وعْلة، وجعل ألويتها تحت لوائه وكانت له راية سوداء يخفق ظلها إذا أقبل فلم يُغْنِ أحد في صِفين غَنَاءه فقال فيه علي رضي الله عنه:

لِمَنْ رايةٌ سَوداء يَخْفِقُ ظِلها
إذا قيل قدِّمْها حُضينُ تقدما1
يقدمها في الصف حتى يَردْ بها
حياض المنايا تقطر السم والدِّما2
جزى الله عني والجزاء بكفه
ربيعة خيرًا ما أعفَّ وأكرما

والمراد بربيعة قبائل ربيعة ومنهم بنو بكر بن وائل وكان همْدان قاتلت معه في ذلك اليوم أشد القتال وأروت سيوفها من الدماء في ذلك المجال فقال يمدحهم:

ولَمَّا رأَيْتُ الخيلَ ترجمُ بالقنا
نواصيها حُمْر النحور دوامي
وأعرَضَ نَقْعٌ في السماء كأنه
عَجَاجة دَجْن مُلْبَس بقَتام
ونادى ابن هند في الكُلاعِ وحميْرٍ
وكِنْدَة في لَخْمٍ وحَيِّ جُذام
تَيممْتُ هَمْدَانَ الذين هُمُ هُمُ
إذا ناب دهر جُنتي وسهامي
فجاوبني من خيل هَمْدَان عصبةٌ
فوارس من هَمْدَان غيرُ لئام
فخاضوا لظاها واستطاروا شَرارها
وكانوا لدى الهيجا كَشَرْب مدام
فلو كنتُ بَوَّابًا على باب جَنةٍ
لقلت لهَمدْان ادخلوا بسلام

فهو رضي الله عنه أَحد الشجعان المعدودِ كل واحد منهم بألف المذكورين في نظم الشنقيطي وهو:


  1. «حضين»؛ أي: يا حضين.
  2. في رواية «الكامل» (حتى يردَّها).