صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/34

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٣٣

وأبرز إليك، فيكون الأمر لمن غلب، فقال عمرو بن العاص: أنصفك الرجل فقال له معاوية رضي الله تعالى عنه: أردتها يا عمرو والله لا رضيت عنك حتى تبارز عليًّا فبرز إليه فلما غشيه بالسيف رمى بنفسه إلى الأرض وأبدى سوأته فضرب عليٌّ وجه فرسه وانصرف عنه فجلس معه معاوية يومًا ونظر إليه فضحك فقال عمرو: أضحك الله سنَّك ما الذي أضحكك؟ قال: من حضور ذهنك يوم بارزت عليًّا إذ أتَّقيته بعورتك، أما والله لقد صادفت منَّانًا كريمًا، ولولا ذلك لخذم رَفغيك بالرمح، فقال عمرو: وأما والله إني عن يمينك إذ دعاك إلى المبارزة فاحولَّت عيناك وربا سحَرك وبدا منك ما أكره ذكره لك.

وبارزه بُسْرُ بن أرطاة من أصحاب معاوية أيضًا فلما غشيه علي بالرمح فعل مثل ما فعل عمرو بن العاص، فقال شاعر من أصحاب علي يعير أهل الشام:

أفي كل يوم فارسٌ غيرُ مُنْتَهٍ
وسوأته تَحت العَجاجةِ باديهْ
يكف عُلا عنها عليٌّ سنانَه
ويضحك منها في الخلاء معاويه
فقولا لعمرو وابن أرْطاةٍ انظرا
سبيلكما لا تُغضِبا الليثَ ثانيه
متى تلقيا الخيل المغيرة بالضحى
وفيها عليٌّ فاتركا الخيل ناحيه

وخطب يوم صِفِّين بعدما قُتل عمَّار بن ياسر رضي الله عنه، فقال: أيها الناس، إن الموت طالب لا يعجزه هارب ولا يفوته مقيم، أقدموا ولا تنكلوا، فليس عن الموت محيص، والذي نفس ابن أبي طالب بيده، إن ضربة بالسيف أهون من موت الفراش، أيها الناس، تلقوا السيوف بوجوهكم والرماح بصدوركم وموعدي وإياكم الرايةُ الحمراء فقال له رجل من أهل العراق: ما رأيت كاليوم خطيبًا يخطبنا يأمرنا أن نتلقَّى السيوف بوجوهنا والرماح بصدورنا ويعدنا راية بيننا وبينها مائة ألف سيف، وكانت تلك تسمى ليلة الهرير لقعقعة السيوف فيها وفي صبيحتها رفع أصحاب معاوية المصاحف على الرماح وطلبوا التحكيم وقد أصبح