صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/29

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٢٨

يصل الروم ونخشى على المدينة من مهاجمة الأعراب فخالفهم وأنفذه، وقال لهم: أتريدون حلَّ لواءٍ عقدَه رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهب الجيش وغنموا من الروم غنيمة وراجع الإسلامَ من مرُّوا بهم في طريقهم من العرب، ودفعوا زكاتهم، وقالوا: لو كان هؤلاء ضعفاء ما أرسلوا هذا الجيش؛ يعنون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال له عمر: اقبل من الأعراب الصلاة، ودع لهم الزكاة حتى تتقوى، ويرجع إلينا جيش أسامة من الشام، فقال: والله لا أتركها لهم، ولا أفرِّق بينهما وقد قرنها الله في كتابه، والله لو منعوني عِقالًا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه حتى تنفرد سالفتي وقد لَمَّ الله به الشعَت وجبر به الصَّدْع الذي انخزق إلى أن جاءته منيته بعد سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليالٍ من خلافته.

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

فقام بعده أبو الفتوح نور الإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه القرشي ثم العَدَوي من بني عديَّ بن كعب، كان إسلامه فتحًا وهجرته فتحًا وإمارته فتحًا، ذكر ابن إسحاق أنه لما أسلم رضي الله عنه قال: أي قريش أنقل للحديث؛ قيل: جميل بن معمر الجمحي فغدا عليه، قال عبد الله ابنه: وغدوت أتبع أثره، وأنظر ماذا يفعل وأنا غلام أعقل كل ما رأيت حتى جاءه فقال له: أعلمت يا جميل أني قد أسلمت ودخلت في دين محمد، قال: فوالله ما راجعه حتى قام يجرُّ رداءه واتَّبعه عمر واتَّبعت أبي حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش وهم في أنديتهم حول باب الكعبة، ألا إن عمر بن الخطاب قد صبا، قال: يقول عمرُ من خلفه: كذَب، ولكني أسلمت، وشهدت أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، فثاروا إليه، فما برح يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم، وأعيا فقعد وقاموا على رأسه، وهو يقول: افعلوا ما بدالكم فأحلف