صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/28

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٧

وأسلم رُكانة.

قال السهيلي: وقد صرع أيضًا الأشد الجمحي وكان أقوى رجل في العرب مرارًا، ولم يسلم، وكان الأشد يقف على جلد بقرة ويجذبه عشرة من الفتيان لينتزعوه من تحت قدمه فيتمزق الجلد ولا يتزحزح عنه، وقد قال لقريش: إن جنود ربِّ محمد التي يخوفكم بها تسعة عشر اكفوني اثنين، وأنا أكفيكم سبعة عشر إعجابًا منه بنفسه.

وبالجملة فهو صلى الله عليه وسلم وإخوانه من الرسل لا يداينهم أحد من الخلق في الشجاعة والنجدة، وكيف لا؟ وقد جمع الله فيهم سائر خصال الكمال، وتتبُع أحواله في غزواته وجهاده تضيق عن تحريره هذه العجالة.

وأشجع الناس بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام الصحابة رضوان الله عليهم، وأشجع الصحابة وأقواهم عزمًا وإيمانًا أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه.

أبو بكر رضي الله عنه

هو الصِّديق عبد الله بن أبي قحافة عثمان التيمي خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان رضي الله عنه شريفًا شجاعًا كريمًا، نقل ابن إسحاق عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن قريشًا مرَّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فوثبوا إليه وثبة رجل واحد يقولون: أنت الذي تقول كذا وكذا لما كان يعيب من آلهتهم ودينهم، فيقول: «نعم» قال: فرأيت رجلًا منهم أخذ بمجمع ردائه، قال: فقام أبو بكر رضي الله عنه دونه يدافعهم، وهو يقول: أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله، وقد أراد أن يبارز ولده عبد الرحمن يوم بدر فمنعه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال له متِّعنا بنفسك يا أبا بكر، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وارتدَّت العرب، ومنعت الزكاة؛ كان أشجع الناس وأسدَّهم رأيًا، عارضه الصحابة في إرسال جيش أسامة الذي جهزه النبي قبل وفاته، وقالوا له: ارتدَّت العرب، وإذا أرسلت هذا الجيش ربما يحصل له العطب قبل أن