صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/23

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٢٢

أتى سنان بن أبي حارثة المرِّي وهو أبو هرم الذي مدحه زهير وكان الأسود بن المنذر قد استرضع ولده شرحبيل عند سلمى امرأة سنان فكانت لا تأمن على ابن الملك أحدًا فاستعار الحارث سرج سنان وكان سنان في ناحية الشَرَبَّة بعيدًا عن الحي فحمله وأتى به امرأة سنان وسنان لا يعلم ما يريد بذلك فقال لها: يقول لك بعلك: ابعثي ابنك مع الحارث؛ فأني أريد أن استأمن له الملك وهذا سرجه آية على ذلك فزينته سلمى ودفعته إليه فأتى به ناحية من الشرَبَّة وقتله، وقال يخاطب الأسود بن المنذر:

أخصْيَيْي حِمارٍ بات يكدم نجمة
أتأكل جاراتي وجارك سالم
علوتُ بذي الحيَّات مفْرِق رأسه
ولا يركب المكروه إلا الأركام
فتكت به كما فتكت بخالدِ
وكان سلاحي تحتويه الجماجم
بدأت بتلك وانثنيت بهذه
وثالثة تبيَضُّ منها المفادم

وهرب إلى الشام فالتجأ إلى يزيد بن عمرو الغساني فأجاره وأكرمه وكان للغساني ناقة محملة في عنقها مدية وزناد وصرة ملح وكان يمتحن بها رعيته لينظر من يجترئ عليه فوحمت امرأة الحارث فاشتهت شحمًا فانطلق الحارث إلى ناقة الملك فنحرها وأتاها بشحمها وفقدت الناقة فأخبر الملك بأن الحارث نحرها فأمر رجلًا من بني تغلب بقتله فقتله وأخذ سيفه وأتى به سوق عكاظ في الأشهر الحرم فأراه قيس بن زهير فقتله قيس وقال يرثى الحارث بن ظالم:

وما قصرت من حاضر دون سرها
أبر وأوفى منك حار بن ظالم
أعز وأحمى عند جارٍ وذمة
وأضرَب في كابٍ من النَّقْعِ قَاتِم