صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/22

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢١

وأما فُتَّاك العرب فثلاثة مشهورون وهم الحارث بن ظالم المري، وعمرو بن كلثوم التغلبي، والبَرَّاضُ بن قيس الكِناني.

الحارث بن ظالم

فأما الحارث بن ظالم المري ثم الغطفاني فإنه وفد على الأسود بن المنذر أخي النعمان بن المنذر ملك العرب فوجد عنده خالد بن جعفر سيد بني عامر فقدم لهما تمرًا فجعل خالد يأكل ويلقي النوى بين يدي الحارث عبثًا به ثم قال له: يا حارث ألا تشكر يدي عندك أن قتلت عنك سيد قومك زهيرًا وتركتك سيدهم، وكان خالد بن جعفر قتل زهير بن جذيمة العبسي سيد غطفان فقال له الحارث: سأجزيك شكر ذلك، فلما خرج الحارث قال الأسود لخالد: ما دعاك إلي أن تحترش بهذا الكلب وأنت ضيفي، فقال له خالد: إنما هو عبدي لو وجدني نائمًا ما أيقظني، وانصرف خالد إلى قبته فلامه عروة الرحال ابن أخيه ثم ناما وقد أسرجت عليهما القبة، وكان مع الحارث تبيع له من بني محارب فأعطاه ناقته، وقال له: انتظرني بمكان كذا، فإن طلع كوكب الصبح ولم آتك فاذهب حيث شئت ثم انطلق الحارث حتى أتى قبة خالد فهتكها ودخل، وقال لعروة: اسكت لا بأس عليك أنت، ثم أقبل إلى خالد فقتله، وخرج فصاح عند ذلك عروة وَا جِوَار الملك، فأقبل الناس إليه وسمع الملك، وهرب الحارث فلجأ إلى معبد بن زرارة سيد بني تميم فأجاره فقالت بنو تميم لمعبد: ما لَك آويت هذا المشئوم، وأغريت بنا الأسود وخذلوه إلا جماعة منهم فوقع بذلك يوم رحرحان بين بني عامر وبني تميم، فكسرت تميم، وأسر معبد بن زرارة وبقي في الأسر حتى مات عند بني عامر، ثم تنقل الحارث في قبائل العرب حتى استقر عند طيء فمكث عندهم حينًا، فلما عجز الأسود عنه أرسل إلى جارات كن له فاستاقهن وأموالهن فبلغ ذلك الحارث ابن ظالم فخرج من عند طيء، واندس في الناس حتى علم مكان جاراته ومرعى بيهن فاستنقذهن واستاق إبلهن فألحقهن بقومهنَّ، واندس في بلاد غطفان حتى