صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/21

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

٢٠

يا صاحبيَّ أَلَا لَا حَيَّ بالوادي
إلا عبيدٌ وآدمٌ بين أذوادِ1
أتمكثان قليلًا ريْثَ غفيتهِم
أم تغدوان فإن الربْحَ للغادي

فأغار صاحباه على النَّعَم فساقاه وهو ينشد الرعاء الشعر حتى علم أن صاحبيه قد فاتا ولحقهما فطلبتهم مراد فلم تلحقهم.

ومن غريب حديثه في شدة العَدْو ما حكاه أهل الأدب قالوا: أغار السليك على مراد فلم يحصِّل شيئًا فرجع فلما كان في الطريق وبينه وبين قومه ثلاثة أيام التقى مع جيش من بكر بن وائل يريدون غزو قومه بني تميم، فلما رأوه قال لهم رئيسهم: هذا سليك أمسكوه لئلا يذهب إلى قومه فينذرهم بكم فيستعيدوا فأرسلوا وراءه فارسين يطاردانه فعدا وطارداه بقية يومهما، وقالوا: لعله إذا جاء الليل يتعب فنلحقه، فلما كان مع الغروب وجداه قد عثر بأصل شجرة برية فَرَضَّها وندرت منها شظِية، فقالا: قاتله الله لعلنا نلحقه آخر الليل إذا أعيا فباتا يطردان وراءه، فلما كان عند الصباح وجداه قد جلس في مكان فبال فخدَّ أخدودًا في الأرض، فقالا: قاتله الله ما أشد متنه، والله لا نتبعه بعد هذا، ورجعا إلى الجيش ووصل هو إلى قومه فأنذرهم فسألوه عن موضع الجيش الذي لقيهم فيه فأخبرهم فكذبه قومه ولم يستعدوا وصدقه آخرون فارتحلوا واستعدوا، فقال السليك في ذلك:

يكذبني العَمْران عَمروُ بن جَنْدبٍ
وعمروُ بن عمرو والمكذِّب أكذب
ثكِلتكما إن لم أكن قد رأيتها
كتائب يُهديها إلى الموت موكب
كتائب فيها الحوْفَزان وحوله
فوارسُ هَمَّام متى يَدْعُ يركبوا

فصبَّحهم الجيش في اليوم الثالث فاكتسحهم.


  1. آم: جمع أمة: جارية مملوكة.