صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/20

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
١٩

العدَّاءون

وأما العداءون من العرب وهم الذين يغزون على أرجلهم ولا تعلق بهم الخيل فهم جماعة والمشهور منهم أربعة: عمرو بن براق الهمذاني، والشنْفَرَي الأزدي، وتأبط شرًّا العَدواني، واسم الشنفري شمس بن مالك. واسم تأبط شرًا ثابت بن جابر، والرابع: سُلَيْك المقانب بنْ سُلَكَة السعدي، ثم التميمي والثلاثة الأول يغزون مجتمعين  دائمًا، وأما سليك فكان يغزو وحده ولا يغزو إلا أرض اليمن، فإن لم يجد منهم غِرَّة عدل عنهم إلى قبائل ربيعة، وكان يجعل الماء في بيض النعام ويردِمه تحت الرمل في مواضع طريقه للغزو فإذا جاء القيظ وانقطعت السابلة بسبب الحرّ غزا أرض مراد من اليمن واستاق نعَمَهم فيتبعونه حتى يدخل بهم القفر فيقطعهم العطش فيرجعوا عنه فيذهب بالنعم، وكان سُليك أسود كالغراب؛ لأن أمه جارية سوداء مثل عنترة وهو أحد الأربعة الذين تقدم خوف عمرو بن معد يكرب منهم، وكان أيِّدًا وغزا مرة قبائل مراد فلما كان في أثناء الطريق نام فما شعر إلا برجل بَركَ فوقه وصار يلكمه ويقول له: استأسر يا عدوَّ الله، فقال له السليك: الليل طويل وأنت مقمر فذهبت مثلًا فألح عليه الرجل بالأذى فأخرج يديه من تحت العباء وضمهما على ظهر الرجل وضغطه فضرط، فقال السليك: أضراطًا وأنت الأعلى فذهبت مثلًا، ثم أرسله وقال له: من أنت؟ وما تريد؟ قال: أنا رجل من العرب صعلوك خرجت أطلب مالًا أو أموت ولا أرجع إلى أهلي فارغًا، فجاءهم ثالث يطلب ما يطلبونه، فقال لهما السُّليك: اتبعاني لنغزوا جميعًا فوردوا أرض مراد فوجدوا الرعاء، فقال لهما السليك: إنكما لا تقدران على العَدْو مثلي وأنا أهب إلى الرعاء وأسألهم عن الحي، فإن كان بعيدًا رفعت صوتي لكما بذلك فأغيرا أنتما على المال؛ فإني شاغل عنكما الرعاء بالحديث، فلما جاءهم وفهم أَن الحي بعيد، قال لهم: أغَنِّى لكم؟ قالوا: نعم فرفع عقيرته مسمعًا صاحبيه، وقال: