صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/17

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

١٦

أسمعه؟ قال: سقتُ مع الناس أموالهم ونساءهم، قال: ولمَ ذاك؟ قال: أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم، فقال له دريد راعِىَ ضأن والله وهل يرد المنهزمَ شيء إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فُضِحْت في أهلك ومالك، ثم قال: ما فعلت كعب وكلاب؟ قالوا: لم يشهد منهم أحد قال: غاب الحدُّ والجِد ولو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب ولا كلاب،ثم قال: يا مالك، إنك لم تصنع شيئًا بتقديمك بيْضة هوازن إلى نحور الخيل أرفعهم إلى متمنّع بلادهم وعَليا قومهم، ثم ألْقَهُم على ظهور الخيل، فإن كانت لك لحق بك مَنْ وَراءك، وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد أحرزتَ مالَك وأهلكَ، فقال مالِك: لا والله إنك قد كبرت وخرَفت والله لتطيعُنَّني يا معشر هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري، وكره أن يكون لدُريْد فيها ذِكر أو رأي قالوا: أطعناك، فقال دُريد: هذا يوم لم أشهده ولم يفتني ثم أنشد:

يا ليتني فيها جذَع
أَخُبُّ فيها وأضَعْ
أقود وطْفاءَ الزَّمَعْ
كأنها شاةٌ صَدَعْ

فلما التقى المسلمون مع هوازن وكُسِرت هوازن وتبعتهم خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحق ربيعة1 بن رفيع السُّلَمي درَيْد بن الصَّمة وأخذ بخطام جمله وأناخه وهو يظنه امرأة وإذا به شيخ كبير في محفة فقال له دُريْد: ماذا تريد بي؟ قال: أقتلك، قال: ومن أنت؟ قال: ربيعة بن رفيع السُّلَمي ثم ضربه بسيفه فلم يغن فيه شيئًا، فقال دريد بئس ما سلحتك أمك، خذ سيفي هذا من مُؤخّر الرحل، ثم اضرب به وأرفع عن العظام واخفض عن الدماغ فكذلك كنت أضرب الرجال، وإذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة فربَّ


  1. ربيعة: هو ابن الدغنة. والدغنة: أمه.