صفحة:نزهة الفتيان في تراجم بعض الشجعان (1966) - محمد العربي التباني.pdf/10

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٩

عمر إلى سعد بن أبي وقاص في حرب القادسية أن استعن بعمرو بن معد يكرب وطليحة بن خويلد وكان يوم القادسية يمر على الصفوف ويقول: يا معشر المهاجرين، كونوا أَسودًا أشداء؛ فإن الفارسي إذا ألقى ريحه تيس فرماه أسْوَارٌ من الأساورة1 بنشابة فأصابت قَرَبُوس سَرْجه فحمل عليه عمرو فأخذه كما تؤخذ الجارية فوضعه بين الصفين واحتزَّ رأسه، وقال: اصنعوا هكذا يا معشر المسلمين، ومن شعره في القادسية:

والقادسية حين زاحمَ رستم
كنا الكماةَ نهز كالأشطان
ومضى ربيع بالجنود مشرِّقا
ينوي الجهاد وطاعة الرحمن

ولما فتحت القادسية أرسله سعد إلى أمير المؤمنين عمر وأخبره بشجاعته وحسن بلائه، وأرسله عمر أيضًا مع النعمان بن مُقَرِّن إلى نهاوند  حين ولي النعمان حرب الفرس بعد سعد فاستشهد بها، وأرسل إليه عمر بن الخطاب مرة أن يبعث إليه بصمصامته فبعث بها إليه، فلما ضرب به وجده دون ما كان يبلغه عنه فكتب إليه في ذلك، فقال: إنما بعثتُ إلى أمير المؤمنين بالسيف ولم أبعث إليه بالساعد الذي يَضرِب به، وقال له عمر يومًا: صف لنا الحرب، قال: هي مُرَّة المذاق إذا كشَفَت عن ساق من صبَر فيها عُرِف ومن نكَل فيها تَلِف ثم أنشأ يقول:

الحرب أول ما تكون فَتِيَّةً
تسعَى بزينتها لكل جَهُولِ
حتى إذا حَمِيَتْ وشَبَّ ضِرامُها
عادتَ عجوزًا غيرَ ذاتِ حليل
شمطاءَ جزَّتْ رأسها وتنكَّرت
مكروهةً للشَّمِّ والتقبيلِ2

وسأله عمر عن السلاح، قال: يسأل أمير المؤمنين عمَّا بدَا له، قال: ما تقول في

  1. الأسوار: بضم الهمزة وكسرها الجيد الرمي بالسهام وجمعه أساروة.
  2. ويروى (للثم) بدل (للشم).