والأفضل في نظرنا ألا نبحث مع الصغار في الاختلاف. ونحن نتفق في أمور كثيرة مهمة. فإنجيلنا واحد ورسائلنا واحدة وتقليد الآباء واحد ودستور الإيمان واحد ورومة تجيز تلاوته كما أقره الآباء القديسون في المجمعين المسكونيين الأول والثاني. وجميعنا يعترف بقرارات مجامع مسكونية سبعة واحدة. وكلنا يمارس أسراراً واحدة (هي هي في الشرق وفي الغرب) ونسجد لجسد واحد ودم واحد. فلماذا لا نعلم صغارنا أننا متفقون في جميع هذه الأمور. ولماذا لا نزال نصر على وجوه الخلاف دون إشارة واحدة إلى مواطن الاتفاق.
فلو أخذنا كتاب التعليم المسيحي الذي طبع في مطبعة الآباء الفرنسيسيين في أوروشليم سنة ١٩٥٤ لوجدنا صاحبه الأب أنطون عقليان الذي زاول التعليم زمناً طويلاً يقول في الصفحة الثانية عشرة من هذا الكتاب «إن المسيحي الحقيقي هو الكاثوليكي لا غير» والمسيحيون غير الحقيقيين هم البروتستانت والهراطقة والمنشقين، ويقول هـذا المعلم نفسه في التعليق على انبثاق الروح القدس في الصفحة ٨٣ أن فوطيوس كان «مبدع الانشقاق» وهو لا يجد في الصفحة نفسها لفظاً يصف به عقيدة الكنيسة الأرثوذكسية أفضل من «الكذب» فيقول أنها «عادت إلى المعتقد الكاذب». ثم يقيم البابا لاوون التاسع من قبره ليحرم الروم وينسى أن هذا البابا توفي قبل أن يعلم بما فعله كرديناله هومبرتو في القسطنطينية وأنه لم يقم بعده حبر روماني واحد ثبت هذا الحرم. ويبحث في الصفحة ٩٢ في الخارجين عن الكنيسة فيفرق بين الهراطقة والمنشقين ويؤكد أن الروم منشقون وهراطقة في آن واحد ويقول في الصفحة ٩٣ «إن أشهر انشقاق هــو انشقاق الروم في القرن التاسع وإن سببه الكبرياء وفساد القلب واحتقار سلطة الكنيسة العليا وإن هـذا من أفظع الجرائم» ونقرأ في الصفحة ١٠٣ أن الكنيسة غير الكاثوليكية خالية من الوحدة «والقداسة». يقول هذا الأب الكاهن كل هذا في كتابه في التعليم المسيحي ويعتقد في قرارة نفسه أنه يخدم بذلك روح المحبة المسيحية واتحاد الجميع في المسيح! فلو حذفنا هـذه الأمور جميعها من التعليم المسيحي (وهي خطأ أصلاً) هل يفقد هذا التعليم صبغتـه المسيحية؟ أو ليس بالإمكان أن نكون وضعيين على الأقل مع الصغار دون اللجوء إلى التكريه والتبغيض؟ كأن نقول