القدس في يوم الخمسين وبين ما تم والأبواب مغلقة. فحلول الروح القدس يوم الخمسين تم لتحويل البشرية وتقديسها بالكنيسة أما النفخ الذي تم قبل صعود المسيح فإنه نقل إلى جماعة الرسل القوة الإلهية البشرية الفعالة التي تجلت بالمسيح الإله.
ومما يلاحظ أيضاً أن هذه القوة الإلهيـة البشرية الفعالة منحت لجماعة الرسل مع حق كل فرد منهم أن يتذرع بها ويستعملها ما دام واحداً من الجماعة. فالمسيح الإله لم يقل من غفرتم له «مجتمعين» يغفر له ومن أمكستم له «مجتمعين» يمسك له وإنما اكتفى بالقول من غفرتم ومن أمسكتم. وبالتالي فإن هذه السلطة العليا تتجلى في كل كنيسة بما يعلمه ويفعله أسقفها. وحكم هذا الأسقف الفرد هو حكم جماعة الأساقفة. ومن هنا قول كبريانوس ومجمع إفريقية إلى كنيسة رومة أن النعمة والقوة متوفرتان في إفريقية بدون لجوء إلى معونة من وراء البحر.
ولم يقل السيد من غفرتم لهم ممن يؤمنون بي أو ممن هم من خرافكم ورعاياكم بل من غرفتم لهم على وجه الإطلاق. وهكذا فإن مـا منح شمل العالم والبشرية بأسرها، ومن هنا هذه الألقاب الكنيسة القديمة أسقف رومة وأسقف الإسكندرية وأسقف كل غالية وكل الشرق. فهؤلاء الأساقفة هم لجميع سكان هذه المناطق لا لفئة واحدة منهم.
ولم يحدد المسيح الإله هذه السلطة الرسولية ولم يقيدها بشيء فإنه لم يقل من غفرتم لهم بموجب تعاليمي وأوامري بل أطلق في القول فجعل سلطتهم مطلقة لا تقيدها شرائع أو قوانين. وهـذا لا يعني أنه أذن بالخروج على تعاليمه فإنه أرسل بعد صعوده الروح القدس الذي يعلم ويذكر. وجل من هنالك أن هـذه السلطة الرسولية غير مقيدة بالقوانين وأن هذه القوانين الكنسية معرضـة دائماً لإعادة النظر لأن السلطة الرسولية سلطة مطلقة.
ولم يطلق السيد يد جماعة الرسل في تحديد البطل والحق والخطيئة والفضيلة فهذه مربوطة بالحقيقة التي فاه بها المسيح الإله مرة واحدة حتى انقضاء الدهر فهو لم يقل ما تحكمون أنه خطيئة فهو الخطيئة وما تحكمون أنه الفضيلة فهو الفضيلة. وإنما قال أفوضكم بالغفران والإمساك، وبالتالي فالعصمة عندهم قانونية لا ميتافيزقية، مرتبطة جوهراً بالكنيسة لا مستقلة عنها.