أعمدة الرسل. فبولس يذكر ثلاثة (غلاطية ٢ : ٩) هم بطرس ويعقوب أخو الرب ويوحنا الحبيب وإلى هؤلاء وجه طلبه للبت في أمر رسالته. ثم أنه عندما اختلف مـع بطرس في أمور أنطاكية عرض القضية على الرسل المجتمعين في أوروشليم فأبدى بطرس رأيه «فسكنت الجماعة» «وحكم» في الأمر يعقوب أخو الرب (أعمال ١٥ : ١٩). وهكذا فإن الروح القدس انتدب في عهد الرسل أعمدة لازالة الشك والتعرف بدون صعوبة إلى المجموع صاحب السلطة والقول الفصل.
وتكاثر الأساقفة خلفاء الرسل فتجمعوا وحدات محلية منشئين بمجامعهم المحلية مراكز للسلطة المحلية. ثم تألفت من هذه الوحدات المحلية بطريركيات وتألفت من البطريركيات هيئة مسكونية صاحبة السلطة في العالم. ولم يكن للكنيسة في أي وقت من أوقاتها أقل من بطريركيتين أو ثلاث. ومر زمن أصبحت فيه هذه البطريركيات خمساً. وقد تتعدد هذه البطريركيات وتتكاثر فيصار بموجب التقليد الرسولي إلى الاعتراف بأعمدة ثلاثة كالأعمدة بطرس ويعقوب ويوحنا. فحيث يجتمع اثنان أو ثلاثة باسمه يكون هو بينهم. «وإن لم يسمع لك أخوك فخذ معك واحداً أو اثنين لكي تقوم على فم شاهدين أو ثلاثة كل كلمة» (متى ۱۸ : ١٦) و(الثانية إلى أهل كورنثوس ۱۳ : ۱).
ولا ميزة لبطرس وخلفائه، على ضوء ما تقدم، أكثر مما ذكر، فالسيد لم يجعل هذه السلطة فردية كما أوضحنا ولم يوجه لبطرس نفخة مختلفة. وفي إنجيل يوحنا وفي الفصل الحادي والعشرين ما يدل على أن بطرس لم يعد إلى سابق عهده قبل الظهور الثالث الذي جرى في طبرية عندما كرر السيد السؤال «أتحبني أكثر من هؤلاء» ثلاث مرات! وبالتالي فلا مجال للقول أن خلفاء بطرس هم وحدهم الأساس في السلطة أو أن انسحابهم من المجموع البطريركي بعد السنة ١٠٥٤ عطل سلطة هذا المجموع.
ولم تكن هذه السلطة التي منحها السيد سلطة حق مشروع بل سلطة قوة وفاعلية. فالمسيح الإله لم يمنح الرسل حق الحل والربط أولاً ثم القوة الإلهية بل منح القوة أولاً ثم أردف ذلك بقوله من غفرتم. ومن هنا الفرق بين حلول الروح