ولم يشترط السيد لهذه المنحة استحقاقاً بشرياً معيناً، فإنه لم يمتحن شجاعة تلاميذه عندما منحهم سلطة الحل والربط بل دخل والأبواب مغلقة. ولم يشترط في تلك الساعة إيماناً كما فعل مع بطرس في مناسبة أخرى ولم يكترث لشك البعض كما جاء في بعض الأناجيل.
وقال السيد والأبواب مغلقة السلام لكم مرتين مرة تطميناً ومرة أخرى لمناسبة رسالته ورسالتهم. فأراد بذلك أن تكون سلطتهم مصدر سلام ونظـام وتآلف لا بذرة شقاق واختلاف. ولم تصدر هذه السلطة عن هذا العالم بل عن الآب بالابن والروح القدس. فليس هم الذين اختاروه وإنما هو اختارهم (يوحنا ١٥ : ١٦) وكما أطاع الابن الآب حتى الموت هكذا يجب الخضـوع للمسيح وخلفائه حتى انقضاء الدهر. ولم تمنح هذه السلطة بطريقة روحية وإنما شخص المسيح إلى الرسل بالنفخ. ومن هنـا وجوب منحها بالنفخ ووضع الأيدي والأنجيل كما لا نزال نفعل حتى عصرنا هذا.
ولم يعط السيد هذه السلطة لكل تلميذ بمفرده بل لمجموع الرسل. فإنـه وقف في وسطهم، ونفخ «فيهم» وقال «خذوا» الروح القدس. من «غفرتم» خطاياهم ومن «أمسكتم». وهكذا فإن السلطة في الكنيسة هي لمجموع الأساقفة لا لأسقف واحد هي سلطـة واحدة لجماعة لا سلطات لأفراد. فليس لأحد أن يعتبرها ملكه الخاص لأنهـا فوق الفرد. ويلاحظ أيضاً أن الرسل لم يكونوا جميعهم هناك. فتوما كان غائباً ولا نعلم بالضبط ما إذا كان بطرس بينهم. وعلى الرغم فإن السيد منح تلاميذه هذه السلطة وهي بالتالي لا تستوجب اكتمال العدد أو أكثرية وإنما هي فوق الفرد وفوق المجموع. وهكذا فإنه عندما ينسحب أحد الرسل من هيئة نعلم بالضبط ابن تبقى هذه السلطة. ومع اتساع الكنيسة وازدياد عدد أفرادها تعرضت لانسحاب جماعة بأكملها من المجموع فهل يعقل أن يقسم المجموع إلى مجموعين وتصبح السلطة سلطتين ويجابـه المؤمنون بالاختيار بين الخضوع لهذا المجمع أو ذاك! إن في هذا نقضاً لشرط السلام الذي ربطه السيد بالسلطة التي منحها. ولهذا السبب نقرأ في النصوص الطاهرة عن