الآسيوية أن يسوسوا إدارات آسية فقط وأساقفة البونط ما للبونط فقط وأساقفة تراقية شؤون تراقية فقط، وأنه لا يسوغ للأساقفة أن يتصدوا لسيامات خارج إدارتهم أو لإجراء أمور كنائسية أخرى دون أن يدعوا. وأنه يجب أن يحفظ القانون الذي سبق وضعه بخصوص إدارة الأحكام لأنه واضح ـن كل ولاية يدير شؤونها مجمعها وهو يتولى الحكم فيها كما تحدد في مجمع نيقية. أما شؤون كنائس الله الواقعة في الأمم البربرية فيجب أن تساس حسب عادة الآباء الجارية». ويلاحظ هنا هذا التفقيط المتكرر في تحديد رقاع السلطة وهذا السكوت المطبق عن سلطة تفرضها رومة على سائر الكنائس. وجاء في القانون الثالث بعد هذا ما نصه: «أما أسقف القسطنطينية فليكن له تقدم التكريم بعد أسقف رومة لأنها رومة جديدة». وكلمة «بعد» الواردة في متن هذا القانون الثالث لا تدل على تخفيض وتنقيص كما زعم بعض المفسرين بل على ترتيب تاريخي كما سيظهر جلياً من نص القانون الثامن والعشرين من قوانين المجمع الرابع المسكوني.
ويلاحظ هنا أن رومة القديمة لم تعترض على هذا النص ولم تثر ما كان
يتحسس به بعض أساقفتها من فرض شيء من الاقتداء بهم والقول بآرائهم على سائر أساقفة الكنيسة. ويلاحظ أيضاً أن الإسكندرية اعترضت على هذا التقدم وأن نزاعاً شديداً نشأ بينهـا وبين القسطنطينية وأن رومة القديمة ساندت رومة الجديدة في موقفها من الإسكندرية. والإشارة هنا إلى سعي بطرس الثاني أسقف الإسكندرية لإيصال مكسيموس الفيلسوف الكلبي إلى الكرسي القسطنطيني وامتعاض الإمبراطور ثيودوسيوس من هذه المناورة الخاسرة ورفضه ذلك رفضاً باتاً وسن القانون المسكوني الثالث الذي إليه أشرنا. وقام ثيوفيلوس الإسكندري بمثل ما قام به سلفه بطرس فأحب أن يوصل إلى كرسي رومة الجديدة صديقه إسيدوروس ولكن إفترابيوس الخصي استقدم الذهبي الفم من أنطاكية. وكان ما كان من أمر المشادة بين ثيوفيلوس وبين الذهبي الفم ومن تأييد رومة القديمة للبطريرك القسطنطيني القديس الذهبي الفم. وهنالك «شيء من هذا» أيضاً في النزاع بين كيرلس الإسكندري ونسطوريوس القسطنطيني الذي أدى الى انعقاد