صفحة:مفيد العلوم ومبيد الهموم.pdf/90

من ويكي مصدر، المكتبة الحرة
تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

٧٤

( الباب السادس في الرد على الطبائعيين )

قال الطبائعيون سقراط وأفلاطون أئمة الكفر أصل العالم أربعة أشياء هن طبائع العالم الحرارة والبرودة وهما فاعلتان والرطوبة واليبوسة وهما منفعلتان فمن قائل تركيب هذه الأشياء الأربعة من غير صانع ومن قائل هذه الطبائع فاعلات تدبر العالم بطبعها قالوا الطباع تتغالب في الأجسام فربما تغلب الحرارة على البرودة ولا يعلم الطبيب قدر الغلبة فيموت الجسم لجهل الطبيب ولولا تغالب الطباع لم يمت أحد فالقواطع على هؤلاء الزنادقة أن تقول أتقرون بالصانع وأن الصنع لا بد له من صانع أم تشكون فيه فإن أقررتم بذلك فالعالم صنع فلا بد له من صانع وذلك الصانع لا بد أن يكون عالمًا قادرًا مريدًا ليتأتى منه الفعل ومن جوّز أن يكون صنعًا من غير صانع فلنجوز أن يكون قصرًا مشيدًا وقلعة حصينة تظهر في برية من غير صانع ولا شك في أن الآدميين يبنون من الأرض والزرع ينبت من غير بذر ومن جوّز هذا فلا يكون إنسانًا يكون أحمق مجنونًا من يأته بمارستان (دليل آخر) ذو مقدار وأقطار فلا بد من مقدر قدّره ودبّره (دليل آخر) أن الطبائع كانت متفرقة فما الذي جمع بينها فإن أجابوا إنها اجتمعت بنفسها لا بجامع فهذا محال لما بينا أن الصنع لا بد له من صانع فإن قالوا جمعها جامع فقد نزلت الرحمة ولا جامع إلا الله (دليل آخر) إن اجتماع الطبائع ليس بأولى من الافتراق فلا بد من مخصص وأيضًا فإن أحد هذه الطبائع إذا غلب على ضده يفنيه ألا ترى النار تغلب الحطب فتفنيه وأنت تقول تجتمع الطبائع المتنافرة في شخص واحد مع تضادها (دليل آخر) الطبع إمّا أن يكون معدومًا فيوجد أو موجودًا فيعدم وكلاهما محال لإن المعدوم